للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكي نفهم معنى (في ثوب عائشة) لا بد من البحث عن القصة بكل ملابساتها وظروفها في أحاديث أخرى في النقاش الذي كان بين الرسول ونسائه، وهنا يتضح لنا المقصود والمعنى، فبعض الأحاديث وردت بلفظ لباس، وبعضها بلفظ لحاف، ومن هنا يتضح أن المقصود باللباس هو اللحاف وهو الغطاء أو السترة؛ لأن كل نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن سترة، ولكن لم يأت الوحي إلا في بيت عائشة وهذا لفضلها ومن مناقبها - رضي الله عنها -.

[الوجه الرابع: بيان فضل عائشة من خلال الحديث.]

وعلى هذا نفهم من الحديث أن أم المؤمنين السيدة عائشة هي الوحيدة من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان ينزل الوحي عليه وهو نائم بجانبها في الفراش، أو بمعنى آخر في فراشها دون وضع جماع، وفي اللغة العربية من الممكن التعبير بالجزء عن الكل إذا اعتبرنا أن الثياب ملازم للمرء وملامس لجسده، وكذلك الفرش واللحاف لا يستغنى عنه المرء، ودائمًا ما يتردد عليه المرء للنوم، ويكون مهاد ورداء لجسده.

[٤ - شبهة موافقة عمر - رضي الله عنه - لربه.]

نص الشبهة: في قول عمر - رضي الله عنه - (وافقت ربي في ثلاث)، يقولون: إن الوحي ينزل على حسب أهواء الناس، وفي الحديث شبهة أخرى ألا وهي: ادعاؤهم أن عمر - رضي الله عنه - كان يطلع على عورات نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والرد على ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: الوحي حاشاه أن يوافق أهواء الناس.]

من الأسباب في نزول الحجاب ما رواه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ؛ لمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ - رضي الله عنها - إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا الْقَوْمَ فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ؛ فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>