للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الأول: سبب نزول هذه الآية.]

عن عكرمة في قوله: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} وقال: نزلت في الحمس من قريش، ومن كان يأخذ مأخذها من قبائل العرب الأنصار: الأوس، والخزرج، وخزاعة، وثقيف، وبني عامر بن صعصعة، وبطون كنانة بن بكر كانوا لا يأكلون اللحم، ولا يأتون البيوت إلا من أدبارها، ولا يضطربون وبرًا ولا شعرًا؛ إنما يضطربون الأدم ويلبسون صبيانهم الرهاط، وكانوا يطوفون عراة إلا قريشًا، فإذا قدموا طرحوا ثيابهم التي قدموا فيها، وقالوا: هذه ثيابنا التي تطهرنا إلى ربنا فيها من الذنوب والخطايا، ثم قالوا لقريش: من يعيرنا مئزرًا؟ فإن لم يجدوا طافوا عراة، فإذا فرغوا من طوافهم أخذوا ثيابهم التي كانوا وضعوا.

وقال قتادة: كانت المرأة تطوف وتضع يدها على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أُحله

فأمر الله سبحانه بالستر فقال: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} يستر عوراتكم (١).

معنى قوله تعالى {وَرِيشًا}:

قال أهل اللغة: (ريش) الرِّيشُ كِسْوةُ الطائر، والجمع: أَرياش ورِياشٌ، وقُرئ: (ورِياشًا ولِباسُ التَّقْوى).

والرِّيشُ والرِّياشُ: الخِصْبُ والمعاشُ والمالُ والأَثاثُ واللِّباسُ الحسَنُ الفاخرُ وفي التنزيل العزيز: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى}، وقد قرئ: (رِياشًا) على أَن ابن جني قال: رِياشٌ قد يكون جمعَ ريش كلِهْبٍ ولِهابٍ.

وقال محمد بن سَلامٍ: سمعت سلامًا أَبا مُنْذِرٍ القارئ يقول: الرِّيشُ الزِّينةُ، والرِّياشُ كلُّ اللباس، قال: فسأَلت يونسَ فقال: لم يقل شيئًا هما سواءٌ؛ الرِّيشُ والرِّياشُ ما ظهَر من اللباس، والرِّياشُ القِشْرُ وكل ذلك من الرِّيشِ (٢).


(١) الدر المنثور (٣/ ٤٣١ - ٤٣٤)، والبغوي في التفسير (٢/ ١٥٤).
(٢) لسان العرب (٦/ ٣٠٨)، والصحاح (٣/ ٨٤٧)، والقاموس المحيط (١/ ٨١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>