للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفار المنصوص عليه في قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (الأنفال: ٦٦) (١).

[تكثير الأجر للمؤمنين]

وهذه الحكمة تتضح في نسخ الأخف بالأثقل، كنسخ التخيير بين الصوم والإطعام في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (البقرة: ١٨٤)، بتعيين إيجاب الصوم في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البقرة: ١٨٥) (٢).

وقال الطبري: فكان فرض صوم شهر كامل كل سنة، أثقل على الأبدان من صيام أيام معدودات. غير أن ذلك وإن كان كذلك، فالثواب عليه أجزل، والأجر عليه أكثر، لفضل مشقته على مكلفيه من صوم أيام معدودات، فذلك وإن كان على الأبدان أشق، فهو خير من الأول في الآجل لفضل ثوابه وعظم أجره، الذي لم يكن مثله لصوم الأيام المعدودات (٣).

[الابتلاء والاختبار]

قال تعالى: {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.

قال الرازي: أي ليبلوهم بالنسخ حتى إذا قالوا فيه هو الحق من ربنا حكم لهم بثبات القدم في الدين وصحة اليقين بأن اللَّه حكيم فلا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب (٤).

وتتضح هذه الحكمة في نسخ الأمر قبل التمكن من فعله، وذلك مثل أمر اللَّه إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه ثم نسخ اللَّه عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل، والحكمة من ذلك الابتلاء، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)} (٥).


(١) معالم أصول الفقه للجيزاني (٢٦١).
(٢) المصدر السابق.
(٣) تفسير الطبري ٢/ ٤٨٢.
(٤) تفسير الرازي ٩/ ٤٦٦.
(٥) معالم أصول الفقه للجيزاني (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>