للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرسله إلى الناس رسولًا. (١)

وما قاله قوم موسى ابتداءً كان سببه انتشار السحر حينئذ في البلاد.

قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن موسى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (٣٥) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨)} [الشعراء: ٣٠ - ٣٨].

فلماذا اتهموه بالسحر؟ لأن هذا كان أعين طباعهم وحالهم. لما رأوا من موسى ما رأوه ظنوه سحرا وألقوه به.

فها هم يرون تقبيل النبي - صلى الله عليه وسلم - لطفلين صغيرين، وربما كانا رضيعين وهما سبطيه - رضي الله عنهما - بعين طبعهم. فلا بأس أن يقبل رجل امرأة أجنبية عندهم، أو حتى يضاجعها، وهذا معلوم منتشر عندهم. ولكن إذا قبل الرجل ولده أو ابنته رحمة منه وعطفًا اتهموه بالشذوذ الجنسي! ! فهذا هو حالهم ودأبهم، يحرفون الكلم عن مواضعه كما وصفهم الله رب العالمين في كتابه.

[الوجه الرابع: الرد من الكتاب المقدس.]

هم يعترضون على تقبيل النبي - صلى الله عليه وسلم - لطفلين ومص لسانيهما ولم يكلفوا أنفسهم بالنظر في كتابهم، جاء في إنجيل يوحنا ما نصه:

أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ وأَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى المُنْتَهَى. فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ، وَقَدْ ألقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ، يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ الله خَرَجَ، وَإِلَى الله يَمْضِي، قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ


(١) تفسير الطبري ٢٤/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>