للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكذب على الله في أقدس الأمور؛ في وحي الله ورسالته. جاء في رواية ابن سعد: ثم أتت خديجة ورقة بن نوفل فذكرت له ذلك فقال: إن يك صادقًا فهذا ناموس مثل ناموس موسى، فإن يبعث وأنا حي فسأعزره وأنصره وأؤمن به (١).

[الوجه الثاني: الجمع بين روايات كتب الحديث والسيرة]

قال حسن ضياء الدين: أما اللقاء الذي تم بين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ورقة فإنه تم في زمن متأخر بعد مجيء ملك الوحي المرة الأولى، واستثاره عجب الرسول واستفساره؛ هذا أمر أجمعت عليه جميع المصادر، لكنها اختلفت في زيارة خديجة لورقة، هل كانت لوحدها أم بصحبة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ وأرى أن الجمع بين روايات السيرة ورواية الإمام البخاري يفيد أن خديجة ذهبت أول مرة وحدها لتسأل ورقة تأويل هذا الحدث، ثم ذهبت أيضًا مع محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى ورقة وحضرت هذا اللقاء وشهدته، وإذا كانت رواية ابن سعد قد أوردت زيارة خديجة لورقة منفردة، فإن رواية ابن إسحاق لم تنفِ هذا الحضور ولم تثبته، بينما جمعت رواية الإمام الطبري بين الزيارتين في سياق واحد، فكانت أوفى تعبيرًا عن الحادثة، ولا يغيب عن بالك أن خديجة هي المرأة الشهيرة بفطنتها ورزانتها ورجاحة عقلها (٢).

قال عبد المحسن المطيري: لم تذكر كتب السيرة في رواياتها الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التقى بورقة إلا تلك المرة، فكيف يزعم أنه لازمه خمس عشرة سنة؟ فيكفي في الرد على هذا الكلام أنها دعوى لا دليل عليها (٣).

[الوجه الثالث]

النصوص تنفي أي صلة سابقة بين ورقة ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، فلو افترضنا وجود لقاءات بينهما فلا يشترط وجود تأثيرات لأحدهما على الآخر.


(١) طبقات ابن سعد ١/ ١٩٥.
(٢) وحي الله حقائقه وخصائصه صـ ٨٨.
(٣) الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين ١/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>