للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: على الفرض بأنها أبيحت بالقرآن فقد نسخها القرآن أيضًا.

فقد نسخها قوله سبحان وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} (المؤمنون: ٥ - ٦)، وهذا ما استدلت به عائشة -رضي اللَّه عنها- لما سُئلت عن متعة النساء فقالت: بيني وبينكم كتاب اللَّه وقرأت هذه الآية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. . .} فمن ابتغى وراء ما زوجه اللَّه أو ملكه فقد عدا (١). وأيضًا استدل بها القاسم بن محمد (٢).

الوجه الثالث: السنة تنسخ القرآن عند الأصولين (٣).

وهذه المسألة فيها خلاف لأهل العلم والراجح ثبوته.

قال الشوكاني: يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة عند الجمهور كما حكى ذلك عنهم أبو الطيب الطبري وابن برهان وابن الحاجب.

ثم قال ابن حزم: اختلف الناس في هذا بعد أن اتفقوا على جواز نسخ القرآن بالقرآن، وجواز نسخ السنة بالسنة، فقالت طائفة: لا تنسخ السنة بالقرآن، ولا القرآن بالسنة، وقالت طائفة: جائز كل ذلك، والقرآن ينسخ بالقرآن وبالسنة، والسنة تنسخ بالقرآن وبالسنة.

وبهذا نقول وهو الصحيح، وسواء عندنا السنة المنقولة بالتواتر والسنة المنقولة بأخبار الآحاد، كل ذلك ينسخ بعضه بعضًا، وينسخ الآيات من القرآن، وينسخه الآيات من القرآن،


(١) أخرجه الحاكم (٢/ ٣٠٥)، وعنه البيهقي (٧/ ٢٠٧).
(٢) صحيح. تقدم وهو عند عبد الرزاق (١/ ٥٩)، والأحكام لابن حزم (٢/ ٥١٣: ٥٠٥)، وأصول السرخسي (٢/ ٦٧)، وتفسير ابن عطية (١/ ٣١٧)، ومجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٩٧)، ومزيد تفصيل في المسألة يراجع بحث النسخ.
(٣) الناسخ المنسوخ للنحاس (١/ ٤٢٣: ٤١٦)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (١٠٢: ٩٧)، وأحكام القرآن للجصاص (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>