للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣]، وسنبين بإذن الله - عز وجل - الآن رحمته - صلى الله عليه وسلم - بأعدائه، ثم رحمته بأمته، ثم رحمته - صلى الله عليه وسلم - في دعوته.

[١ - رحمته - صلى الله عليه وسلم - بأعدائه]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (قيل يا رسول الله: ادع على المشركين قال: "إني لم أبعث لعانًا وإنما بعثت رحمة" (١).

وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - السابق لما جاءه ملك الجبال وقال له: "إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال: "لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا" (٢).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "بَعَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بني حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سواري الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ"؟ فَقَالَ: عندي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمامَةُ"؟ فقَالَ: عندي مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وإنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمامَةُ"؟ فَقَالَ: عِنْدِى مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ". فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ: وَالله، مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَىَّ، وَالله مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَىَّ، وَالله مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَىَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أخذتني وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ


(١) أخرجه مسلم (٢٥٩٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٣١)، ومسلم (١٧٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>