للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الرابع: وجود قراءات أخرى للآية تبين المقصود بالسعي.]

فقد قيل لعمر - رضي الله عنه -: إن أبيًّا يقرؤها {فَاسْعَوْا} قال: أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي فامضوا، وورد عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقرؤها أيضًا كذلك (١).

وهو كله تفسير منهم، لا قراءة قرآن منزل، وجائز قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير (٢).

وعلى هذا فإن ما جاء في قراءة عمر - رضي الله عنه - الصحيحة: (فامضوا) فهي بمنزلة التفسير للسعي. (٣)

وإن كانت هذه الروايات غير متواترة، لكن قال العلماء: أن بعض القراءات يبين ما لعله مجمل في القراءات الأخرى، فقراءة (يطَّهرن) بالتشديد مبينة لمعنى قراءة التخفيف، وقراءة فامضوا إلى ذكر الله تبين أن المراد بقراءة اسعوا الذهاب لا المشي السريع.

وقال أبو عبيد في فضائل القرآن: المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها، كقراءة عائشة وحفصة: والصلاة الوسطى صلاة العصر (٤).

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يجوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التَّفْسِيرَ لَا نَصَّ الْقِرَاءَةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِلْأَعْجَمِيِّ الَّذِي كَانَ يُلَقِّنه: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)} فَكَانَ يَقُولُ طَعَامُ الْيَتِيمِ"، فَلَمّا أَعْيَاهُ قَالَ لَهُ طَعَامُ الْفَاجِرِ"، وَإِنَّمَا أَرَادَ إظهار الْمعْنَى. (٥)


(١) تفسير الطبري ١٤/ ١٠١: ١٠٠، وقد ثبتت الرواية عن ابن عمر من طريق (مغيرة)، ولم يثبت ذلك عن ابن مسعود (الفتح ٨/ ٥١٠).
(٢) تفسير القرطبي ١٨/ ٩٩.
(٣) أضواء البيان ٨/ ٢٨٠.
(٤) الإتقان ١/ ٢٢٨: ٢٢٧.
(٥) أحكام القرآن ٣/ ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>