هو: كعب بن ماتع بن عمرو بن قيس من آل ذي رعين، وقيل ذي الكلاع الحميري، وقيل: غير ذلك في اسم جده، ونسبه يكنى: أبا إسحق، كان في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا وكان يهوديًا عالمًا بكتبهم، حتى كان يقال له: كعب الحبر، وكعب الأحبار.
وكان إسلامه في خلافة سيدنا عمر، وقيل: في خلافة الصديق، وقيل: إنه أسلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن تأخرت هجرته، فمن ثم لم يره، والأول هو الأصح والأشهر، وقد سكن المدينة وغزا الروم في خلافة عمر، ثم تحول في عهد سيدنا عثمان إلى الشام، فسكنها، إلى أن مات بحمص، في خلافة عثمان سنة اثنتين أو ثلاث، أو أربع وثلاثين والأول هو الأكثر، وقد كان عنده علم بكتب أهل الكتاب، والثقافة اليهودية، كما كان له حظ من الثقافة الإسلامية ورواية الأحاديث.
روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه مرسل، لأنه لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسمع منه، وعن عمر، وصهيب، والسيدة عائشة، وروى عنه من الصحابة معاوية، وأبو هريرة، وابن عباس، وبقية العبادلة، وعطاء بن أبي رباح، وغيره من التابعين.
ثانيًا: توضيح مقالة معاوية - رضي الله عنه - في كعب:
ولكن قد يعكر على ما ذكرنا: ما ورد في حقه في الصحيح: روى البخاري في صحيحه بسنده، عن حميد بن عبد الرحمن: أنه سمع معاوية وهو يحدث رهطًا من قريش بالمدينة - يعنى لما حج في خلافته وذكر كعب الأحبار، فقال "إن كان من أصدق - وفى رواية لمن أصدق - هؤلاء الذين يتحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلوا عليه الكذب".
وظاهر كلام معاوية، يخدش كعبًا في بعض مروياته كما يدل أيضًا على أن الذين كانوا يحدثون بمعارف أهل الكتاب، كان فيهم صادقون، وأن كعبًا كان من أصدق هؤلاء، ولكنها لا تدل على أنه وضاع أو كذاب فهذا الكلام لا يخدش في ثقة كعب وعدالته، بل إن في ذلك تزكية من معاوية وثناء عليه بأنه أصدق المحدثين عن أهل الكتاب، وقول معاوية:"وإن كنا مع ذلك لنبلوا عليه الكذب"، لا يراد منها اتههامه بالكذب، وإنما المقصود أن في بعض الأخبار