التي ينقلها بأمانة ما لا يطابق الواقع، فالكذب حينئذ مضاف إلى تلك الكتب التي ينقل عنها لا إلى كعب، وهو نحو قول ابن عباس في حقه (بدل من قبله فوقع في الكذب)(١).
وقد حسن العلماء الظن بكعب، فحملوا هذه الكلمة على محمل حسن.
قال ابن التين: وهدا: نحو قول ابن عباس في حق كعب الذكور: "بدل من قبله فوقع في الكذب"، قال: والمراد بالمحدثين أنداد كعب ممن كانوا من أهل الكتاب، وأسلموا فكان يحدث عنهم، وكذا من نظر في كتبهم، فحدث عما فيها، قال: ولعلهم كانوا مثل كعب إلا أن كعبًا كان أشد منهم بصيرة، وأعرف بما يتوقاه، وقال ابن حبان في "الثقات": أراد معاوية أنه يخطئ أحيانًا فيما يخبر به ولم يرد أنه كان كذابًا، وقال ابن الجوزى: المعنى: أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبًا لا أنه يتعمد الكذب.
والظاهر: أن معاوية - رضي الله عنه - لم يقل مقالته هذه في كعب الأحبار إلا بعد أن أختبره في مروياته، وآرائه، فوجد بعضها لا يوافق الحق والصدق، وأنه كان يذكر آراءً، وأقوالًا ليست صحيحة، وتحتاج إلى المراجعة والتثبت، وليس أدل على هذا: من هذه الحادثة التي كانت بين معاوية، وكعب، فقد روى ابن لهيعة قال: حدثني سالم بن غيلان، عن سعيد ابن أبى هلال: أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار: أنت تقول إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا؟ فقالى له كعب: إن كنت قلت ذلك فإن الله قال: "وآتيناه من كل شيء سببًا" وهذا إن صح: يدل على أنه كان يذكر آراءَ من عند نفسه، وباجتهاده في بعض الآيات، وهي غير صحيحة، وإلا فلو كان موجودًا في التوراة أو في غيرها لكان الأقرب في الرد أن يقول في الرد: وجدت ذلك في كتب الأولين وقد علق على هذه الحادثة الحافظ ابن كثير، فقال: وهذا الذي أنكره معاوية - رضي الله عنه - على كعب الأحبار هو الصواب، والخق مع معاوية في هذا الإنكار، فإن معاوية كان يقول عن كعب: إن كنا لنبلوا عليه الكذب، يعنى فيما ينقله لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحفه، ولكن الشأن في صحفه: أنها من