للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال الأول الذي نوجِّهه لكل من يتلفظ بهذه الشبهات ألا وهو: لماذا اختار ورقة محمدًا لأمر النبوة مع أن محمدًا كان أميًا (١)، وكان فقيرًا، ولم يكن رئيس قبيلة؟ .

فكان من الأحرى لورقة أن يختاره غنيًا حتى لا يتحجج كفار مكة؛ قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢) وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣)} [الزخرف: ٣١ - ٣٣].

الوجه السابع: لم يرد ثناء من النبي - صلى الله عليه وسلم - على ورقة لأنه علَّمه.

بالرغم من أنه دافع عن عرضه، وذكر كرامته في الآخرة؛ عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسبوا ورقة بن نوفل فإني قد رأيت له جنة أو جنتين" (٢).

ويوضح قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ما في زيادات المغازي ليونس بن بكير؛ أخرجه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سابَّ أخ لورقة رجلًا، فتناول الرجل ورقة فسبه فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل علمت أني رأيت لورقة جنة أو جنتين، فنهى عن سبه (٣).

فكان من المتوقع أن يقول: لا تسبوا ورقة بن نوفل فإن له فضلًا علي؛ علمني بعد جهلي، فإن النبي عندما كان هناك شيء بين أبي بكر وعمر، فَسَأَله أبو بكر أَنْ يَغْفِرَ له فَأَبَى عمر، قال: فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله بعثني إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وواساني بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لي صاحبي" (٤).

[المطلب الرابع: عدد اللقاءات بين ورقة ومحمد - صلى الله عليه وسلم -.]

شبهة كون محمد - صلى الله عليه وسلم - كان ملازمًا تمامًا لورقة؛ لأنه تلميذ يتلقى العلم من أستاذه، وقد


(١) انظر بحث أمية الرسول.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الإصابة ٦/ ٦٠٩.
(٤) رواه البخاري (٣٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>