للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح أمته. (١)

٤ - النفقة: ومن حقوق الزوجة على زوجها: الإنفاق عليها، وأن يوفر لها ما تحتاجه، قال الله تعالى: {الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: ٣٤)، وقال الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)} (الطلاق: ٧)، والإنفاق كفاية مؤونة الحياة، من طعام ولباس وغير ذلك مما يحتاج إليه. ولم يختلف العلماء في أن النفقات لا تتحدد بمقادير معينة؛ لاختلاف أحوال الناس والأزمان والبلاد. وإنما اختلفوا في التوسع في الإنفاق في مال الموسر، هل يقضى عليه بالتوسعة على من ينفق هو عليه؟ ولا أحسب الخلاف في ذلك إلا اختلافًا في أحوال الناس وعوائدهم، ولا بد من اعتبار حال المنفق عليه ومعتاده، كالزوجة العالية القدر. وفي عجز الزوج عن إنفاق زوجه؛ إذا طلبت الفراق لعدم النفقة خلاف. فمنهم من رأى ذلك موجبًا للتفرقة بينهما بعد أجل؛ رجاء يسر الزوج، وقُدّر بشهرين، وهو قول مالك. ومنهم من لم ير التفريق بين الزوجين بذلك، وهو قول أبي حنيفة، أي وتنفق من بيت مال المسلمين (٢).

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها كانت له صدقة" (٣)، فالإنفاق على الأهل واجب، والذي يعطيه يؤجر عليه على ذلك بحسب قصده. ولا منافاة بين كونها واجبة، وبين تسميتها صدقه؛ بل هي أفضل من صدقة التطوع. فالنفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سماها الشارع صدقة؛ خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر؛ فعرفهم أنها لهم صدقه؛ حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل؛ إلا بعد أن يكفوهم؛ ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع، وتسمية


(١) زاد المعاد ٥/ ٩٥.
(٢) تفسير ابن عاشور (٢٨/ ٣٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (٥٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>