للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال -صلى الله عليه وسلم- "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" (١) فالله -عز وجل- كتب الإحسان على كل شيء وعلى بمعنى (في) أي أمركم بالإحسان في كل شيء وعلى كل حاله أمر بالإحسان في الذبح وأمر بالإحسان في القتل.

والإحسان في القتل هو اختيار أسهل الطرق وأقلها إيلامًا.

وإذ ذبح فلا بد من الإحسان فلا يصرعها بعنف ولا يجرها للذبح بعنف ولا يذبحها بحضرة أخرى ويجب عليه أي على الذابح أن يحد شفرته أي سكينه أي ليجعلها حادة ويستحب أن لا يحدها بحضرة الذبيحة وأن يجعل السكين في إمرارها فيجب إراحة الذبيحة وإراحتها يكون بفعل كل ما سبق (٢).

٢ - ومن حقوق الدواب أيضا حرمة صبرها لورد النهي عن صبر البهائم واتخاذها غرضا: قال أنس -رضي الله عنه-: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تصبرا البهائم. (٣) وقال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبرًا. (٤) وعن سعيد بن جبير قال: مر ابن عمر بنفر أو بفتيان من قريش قد نصبوا دجاجه يترامونها وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: "من فعل هذا لعن الله من فعل هذا وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن من فعل هذا من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا"، وصبر البهائم هو حبسها وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه وهو معنى لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضا أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها وهذا النهي للتحريم ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- في رواية ابن عمر "لعن الله من فعل هذا" ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان مذكي ولنفعته إن لم يكن مذكي.


(١) أخرجه مسلم (١٩٥٥)، وأبو داود (٢٨١١).
(٢) شرح مسلم للنووي (٧/ ١١٨)، وعون المعبود (٤/ ٢).
(٣) البخاري (٥٥١٣)، ومسلم (١٩٥٦).
(٤) مسلم (١٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>