وحتى لا يكون هذا الزعم الذي نزعمه جزافيًا نجد أن في هذه الفترة في إقليم مثل إقليم مصر على سبيل المثال لا الحصر أن القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد هو تاريخ الفترة الوسطى الأولى الذي سبق مباشرة تاريخ الأسرة الحادية عشرة في التاريخ المصري القديم. ونجد أن أسرة (أور) الثالثة كانت موجودة على أرض (بابل). ومن المعروف جيدًا أن حياة الناس لم تتوقف في هذه الأجزاء من العالم القديم ولم يحدث إعدام وتدمير لكافة مظاهر الحياة والبشر انعدمت فيه الحياة البشرية برمتها كما تقول التوراة. (١)
خامسًا: نتيجة مؤسفة:
ونحن لا نستطيع بناء على الروايات الثلاث التي تقدمها لنا التوراة عن قصة الطوفان أن نعتبر أن هذه الروايات يمكن أن تمدنا بمعلومات يمكن وصفها بأنها أحداث تتفق مع الحقيقة. ونحن مضطرون أن نعترف -لو شئنا أن تكلم بموضوعية- أن النصوص التوراتية التي وصلت إلينا لا تمثل تعبيرًا عن الحقائق. ومن الضروري أن نسأل أنفسنا ما إذا كان من الممكن أن يكون الله قد أنزل كلاما بالكتاب المقدس مناقضًا للحقيقة مخالفًا لها.
إن من العسير أن نتقبل فكرة أن الله قد أعلم الإنسان أفكارًا وآراء لم تكن خرافية فقط، ولكنها متناقضة بعضها مع بعض ومناقضة لحقائق العلم أيضًا ومن الطبيعي أن نصل إلى ضرورة افتراض حدوث عمليات تحريف قد حدثت من جانب الناس، ونشأت عن مأثورات بشرية، وخبرات بشرية، وأقوال بشرية مرت من جيل إلى جيل في تواتر شفهي، أو من تنتقل نص مكتوب لهذا التراث الديني الذي كان قد سبقه كتابته على نحو آخر.
وعندما يدرك الإنسان أن نصًّا مثل نص سفر التكوين قد تم تعديل نصوصه مرتين على الأقل في غضون ثلاثة قرون، فكيف يدهش الإنسان حين يجد فيه أمورًا غير معقولة أو روايات يستحيل أن تتفق مع حقائق الواقع. وإذا كان تقدم المعارف البشرية الحديثة لم يتح لنا معرفة كل شيء، فهو على الأقل قد أتاح لنا قدرا من المعارف العلمية الصحيحة التي تمكننا من