للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥ - شبهة: ادعاؤهم اقتباس محمد الوحي من ورقة بن نوفل.]

لقد دأب المستشرقون من عهد بعيد على اتهام سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأخذ عن أشخاص من أهل زمانه، فكان من ذلك: زعمهم أنه تلقى عن ورقة بن نوفل، ذهب إلى ذلك قديمًا (درمنغام) وغيره، وذهب إليه حديثًا البروفيسور (مونتكمري واط) ويوسف إلياس الحداد وغيرهما.

قالوا: السر الكبير في ثقافة محمد الكتابية والإنجيلية وجود العالِم المسيحي ورقة بن نوفل من بني أسد ابن عم السيدة خديجة في جوار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي زوجه ابنة عمه، فقد أجمعت الآثار على أن ورقة تنصر، وكان يترجم التوراة والإنجيل إلى العربية، فهو إذن عالم مسيحي كبير، وقد عاش محمد في جواره خمسة عشر عامًا قبل مبعثه، ألا تكفي هذه المدة لنابغة العرب محمد بن عبد الله لكي يأخذ عنه شيئًا من علوم التوراة والإنجيل، وينصُّ صحيح البخاري على أن ورقة هو الذي ثبَّتَ محمدًا في دعوته وبعثته لما عاد خائفًا من غار حراء، وعلى أن الوحي فتر لما توفي ورقة، وحاول محمد الانتحار مرارًا لفقده وفتوره.

وقالوا: إن الدعوة المحمدية كانت في العهد المكي كتابية إنجيلية توراتية مسيحية يهودية، والقرآن نسخة عربية من الكتب السماوية السابقة المنزلة على الأنبياء السابقين ومقتبس منها، والقرآن كتاب توراتي إنجيلي في موضوعه ومصادره وقصصه وجدله، وكان محمد متأثرًا إلى أبعد الحدود باليهود والنصارى، حتى كأنه واحد منهم مع غلبة المسحة المسيحية (١).

والرد على الشبهات كما يلي:

أولًا: بذكر ردود إجمالية ومنها:

١ - إثبات نبوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وخصائص وأسباب اصطفائه.

٢ - إثبات حال العرب قبل الإسلام وعلى أي دين كانوا يدينون.

ثانيًا: ذكر ردود تفصيلية، وذلك بأن نفَصِّل الشبهات الدائرة حول ورقة بن نوفل، فهناك عدة شبهات تتعلق بكل مطلب من هذه المطالب:

١ - طبيعة تدين ورقة بالنصرانية.


(١) انظر القرآن والمبشرون (٩٤ - ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>