للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزرقاني: نقرر أنه لا دليل عندهم على هذا الذي يتوهمونه ويوهمون الناس به، بل الدليل قائم عليهم؛ فإن الروايات الصحيحة لم تذكر أن ورقة ألقى إلى الرسول عظة أو درَّس له درسًا في العقائد أو التشريع، ولا أن الرسول كان يتردد عليه كما يتوهمون أو يوهمون، فأنى لهم ما يقولون؟ وأي مُنصف يسمع كلمة ورقة هذه ولا يفهم منها أنه كان يتمنى أن يعيش حتى يكون تلميذًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجنديًا مخلصًا في صفه؛ ينصره ويدافع عنه في وقت المحنة، ولكن القوم ركبوا رؤوسهم على رغم ذلك، وحاولوا قلب الأوضاع، وإيهام أن ورقة هو الأستاذ الخصوصي الذي استقى منه محمد - صلى الله عليه وسلم - دينه وقرآنه، ألا ساء ما يحكمون (١).

[الوجه الثاني: موقف ورقة يدل على اعتقاده ربانية الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

قال حسن ضياء الدين: وذلك لما يأتي:

أ - أن ورقة بن نوفل وقف من محمد - صلى الله عليه وسلم - مستطلعًا مستفهمًا كشأن الراهب بحيرا تمامًا، فأين هو التعلم والتلقي؟

ب - زد على ذلك أنه أنبأ رسول الله بأن قومه المشركين سيكافئونه على الهداية بالأذى والعداء والاضطهاد الشديد، وأن حاله معهم كحال رسل الله قبله مع أقوامهم، ويمضي ورقة في إعلانه إلهية هذه الرسالة ويقينه بها، فيندفع على كبر سنه بالتطوع للتضحية مناصرة لدعوة الله وردًا لأعدائها الكائدين.

ج - إن ورقة نفسه لم يدَّعِ النبوة، ولم يطلب لنفسه مكانةً واعتبارًا في الدعوة الجديدة كدليل ومرشد لها، أرأيت لو كان ورقة مصدر معارف محمد - صلى الله عليه وسلم - أكان يقف منه موقف التابع المصدق المؤيد المناصر؟ ! (٢)

الوجه الثالث: ورقة لم يكن لديه علم بكون محمد - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم النبيين، فقد استيأس من ظهوره وهو حي.


(١) مناهل العرفان ٢/ ٣١١.
(٢) وحي الله حقائقه وخصائصه (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>