للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أخرى لهذا الحديث توضح أن عبد الله بن سلام هو الذي أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يفعلونه من إخفاء لنص التوراة؛ لأن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كان يقرأ التوراة، ففي صحيح البخاري أيضًا: (فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ: إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ). (١)

وعند ابن حبان وجاء رجل من اليهود يقال له: ابن صوريا أعور فوضع يده على آية الرجم (٢).

[الشبهة العاشرة الشبهة المتعلقة بصلح الحديبية]

كان أول ما استدلوا به هو حديث الْبَرَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ اعْتَمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَّما كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله. قَالَ: "أَنَا رَسُولُ الله وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله". ثُمَّ قَالَ لِعَليٍّ - رضي الله عنه -" امْحُ رَسُولُ الله". قَالَ لَا، وَالله لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا" (٣).

نص الشبهة: أنهم قالوا: لقد نصّت الرواية على مباشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة ما نصّه: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله"، وما دامت الكتابة قد ثبتت عنه، فلا شك أنه كان يحسن القراءة من باب أولى؛ لأن القراءة فرع عن الكتابة. وهذه الشبهة تُعدّ من أشهر شبهاتهم.

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: الصحيح أنه أمر غيره فكتب


(١) البخاري (٣٦٣٥).
(٢) صحيح ابن حبان (٤٤٣٥).
(٣) البخاري (٢٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>