للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف الناس على العهد، أي: يثوب إليه الناس الذين ألفوه وهم كُمَّل الزائرين فهم يعودون إليه مرارًا، وكذلك كان الشأن عند العرب (١).

قال مصطفى الغلاييني: (ألْ العهديةُ) إما أن تكون للعهد الذِّكريِّ وهي ما سبقَ لمصحوبها ذكرٌ في الكلام، كقولكَ: (جاءني ضيفٌ، فأكرمت الضيفَ) أي: الضيف المذكور، ومنه قولُه تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}، وإما أن تكون للعهد الحُضوريِّ، وهي ما تكونُ مصحوبُها حاضرًا، مثل: (جئتُ اليومَ) أي: اليومَ الحاضرَ الذي نحن فيه.

وإما أَنْ تكون للعهد الذهنيّ؛ وهي ما تكونُ مصحوبُها معهودًا ذهِنًا، فينصرفُ الفكرُ إليه بمجرَّدِ النُّطقِ به؛ مثل: (حضرَ الأميرُ)، وكأن يكون بينك وبينَ مُخاطَبك عهدٌ برجلٍ، فتقول: (حضرَ الرجلُ) أي: الرجلُ المعهودُ ذِهنًا بينك وبين من تخاطبه (٢).

٣ - إثبات أن (أل) العهدية تأتي في القرآن بصور شتى:

قال ابن عاشور: (البيت) عَلَمٌ بالغلبة على الكعبة كما غلب النجم على الثريا، وأصل (أل) التي في الأعلام بالغلبة هي (أل) العهدية، وذلك إذا كثر عهد فرد من أفراد جنس بين طائفة أو قوم صار اسم جنسه مع (أل) العهدية كالعلم له، ثم قد يتعهدون مع ذلك المعنى الأصلي كما في: النجم للثريا، والكتاب للقرآن، والبيت للكعبة، وقد ينسى المعنى الأصلي إما بقلة الحاجة إليه كالصعِق علم على: (خويلد بن نفيل)، وإما بانحصار الجنس فيه كالشمس (٣).

الوجه التاسع: كلمة (الأرض) في القرآن تأتي بعدة معانٍ:

قال ابن الجوزي: الأرض تذكر ويراد بها:

أرض الأردن في قوله: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، ويراد بها القبر: {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ


(١) التحرير والتنوير (البقرة: ١٢٥).
(٢) في جامع الدروس العربية: (الاسم وأقسامه: المعرفة والنكرة).
(٣) التحرير والتنوير (البقرة: ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>