للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفكر في إمكان تغييرها إنسان في العالم ولا سيما نظام استرقاق أسرى الحرب، ويصبح الرق نظامًا عالميًا قائمًا وعملة اقتصادية متداولة وضرورة اجتماعية هامة، وبعد أن تمت المرحلة التي ألغى فيها الرق مَن يدري؟ لعله يأتي يوم يعود فيه نظام الاسترقاق.

فلا يعقل والحال هذه أن يقف الإسلام مكتوف اليدين تجاه هذا الحدث الجديد، بل سيسير على مبدأ المعاملة بالمثل، ويتخذ من الوسائل والتدابير ما يغير هذا النظام أو يلغيه، وهذا يحتاج إلى زمن مطرد ووقت طويل، ويحتاج إلى أن يفهم الناس حقيقة الإسلام ونظرته الكلية الشاملة في الكون والحياة والإنسان، ويحتاج أيضًا إلى أن يتذوق المستعبدون معنى العزة الآدمية وحقيقة الكرامة الإنسانية ليطالبوا بعد هذا التذوق والاستشعار بتحريرهم من الذل، وتخليصهم من العبودية. (١)

ثانيًا: الاعتبارات السياسية:

ولا شك أن الإمام حينما ينظر للأمر بعين الحكمة والمصلحة وحينما ينظر للقضية النظرة السياسية العميقة الشاملة ليعامل الأسرى على أساسها، فلا بد أن يصل في نهاية المطاف إلى الحل الأسلم والمصلحة المتوخاة، فلا يبعد أن يعامل الأسرى على أساس القتل إذا رأى حالة المسلمين في تزعزع وضعف، ولا يبعد أن يعامل الأسرى على أساس المن أو الفداء إذا رأى حالة المسلمين في مركز نفوذ وقوة، ولا يبعد أن يعامل الأسرى على أساس الاسترقاق إذا رأى الأعداء يسترقون أسرانا معاملة بالمثل، وهكذا يفعل الإمام ما يرى فيه مصلحة سياسية وضرورة حربية وحاجة مالية. (٢)

ثالثًا: الاعتبارات النفسية:

فالمقصود بالعتق نفع العتيق، وملكه منافع نفسه، فإذا كان يضيع بعتقه، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه، مع أن في قوله: {تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ما يدل على ذلك؛ فإن


(١) الإسلام والرق (٧١).
(٢) المصدر السابق (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>