للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الوجوه المفحمة في رد هذه الفرية: إبطال نسبة هذه الأبيات إلى عصر الجاهلية من عدة وجوه، وما هي إلا أبيات مولدة في العصور الإسلامية اقتبس صاحبها بعض الأساليب والكلمات من القرآن الكريم على ما درج عليه أهل الأدب قديما وحديثا فلا شبهة في هذا ولا اقتباس وإليك الكلام مفصلًا في:

[الوجه الخامس: إن امرئ القيس وغيره من الشعراء قد نحلت عليهم العديد من القصائد فضلا عن الأبيات.]

بل نُحل على بعضهم قصص كاملة لا خطم لها ولا أزمة، وقضية نحل الشعر ونسبته لقدماء الشعراء أمر معروف لا يستطيع أحد إنكاره.

النحل في اللغة: قال ابن منظور: انْتَحَل فلانٌ شِعْر فلانٍ إِذا ادّعاه أَنه قائلُه. وتَنَحَّلَه: ادَّعاه وهو لغيره، ويقال: نُحِل الشاعرُ قصيدةً إِذا نُسِبَت إِليه وهي من قِيلِ غيره (١).

وقال الرازي: نَحَلَهُ القول من باب قطع أي أضاف إليه قولًا قاله غيره وادَّعاه عليه، وانْتَحَل فُلان شِعْر غيره، أو قوله غيره إذا ادَّعاه لنفسه، وتَنَحّل مثله وفُلان يَنْتَحِلُ مذهب كذا وقبيلة كذا إذا انتسب إليه (٢).

يقول محمد بن سلام الجمحي: وفى الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير، لا خير فيه ولا حجة في عربيةٍ ولا أدب يستفاد، ولا معنى يستخرج، ولا مثل يضرب، ولا مديح رائع، ولا هجاء مقذع، ولا فخر معجب، ولا نسيب مستطرف. وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب لم يأخذوه عن أهل البادية ولم يعرضوه على العلماء، وليس لأحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه أن يقبل من صحيفة ولا يروى عن صحفي.

وقد اختلف العلماء بعدُ في بعض الشعر كما اختلفت في سائر الأشياء فأما ما اتفقوا عليه فليس لأحد أن يخرج منه (٣).


(١) لسان العرب مادة: (ن ح ل).
(٢) مختار الصحاح، مادة: (ن ح ل).
(٣) في كتابه "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>