للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن المنكدر، عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن مالك: "ما نسي ربك لك - وما كان ربك نسيًا - بيتًا قلته". قال: ما هو؟ قال: "أنشده يا أبا بكر"، فقال:

زعمت سُخينة أنْ ستغلب ربها ... وليُغلَبَنَّ مغالب الغلاب (١)

وله أشعار حسان جدًا في المغازي وغيرها.

قال ابن سيرين: فبلغني أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك:

قضينا من تهامة كل وتر ... وخيبر ثم أغمدنا السيوفا

نخيرها ولو نطقت لقالت ... قواطعهن: دوسا أو ثقيفا

فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف (٢).

ومن شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم -: كعب بن زهير، والأعشى أعشى بني مازن اسمه عبد الله بن الأعور ويقال عبد الله بن عمرو من بني تميم، وغيرهم الكثير وما ذُكر إشارة على اتخاذه - صلى الله عليه وسلم - للشعراء.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يستعين بهم، ويوظفهم في مقاومته أهلَ مكَّةَ وشعرائها، الذين هجوه وآذوا دعوته وصدوا عنها فهو - صلى الله عليه وسلم - استخدم أسلحة قريش في الرد عليهم، حيث استعمل الأنساب والأيام والمثالب، والشعر الذي دار في الهجاء بين شعراء المسلمين والمشركين يمثل الصورة.

يقول الشيخ عبد الحي الكتاني: قال الشهاب البربير في كتاب الشرح الجلي: الصحابة كانوا معدن الشعر ومنبعه منهم: النابغة الجعدي، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والزبرقان، والعباس بن مرداس، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن رواحة، وضرار بن الخطاب، والعباس عمه - صلى الله عليه وسلم -، وابنه عبد الله بن عباس، ولبيد، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبوه أبو سفيان، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم.

قلت: الشعراء من الصحابة الذين مدحوه - صلى الله عليه وسلم - بين رجال ونساء جمعهم الحافظ فتح الدين محمد بن محمد الأندلسي المعروف بابن سيد الناس المتوفى عام ٧٣٤ في قصيدة ميمية ثم شرحها في مجلد سماه: "منح المدح أو فتح المدح" ورتبهم على حروف المعجم قارب بهم المائتين (٣).


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٠/ ١٩٠، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٩٧٠).
(٢) أسد الغابة في ترجمة: كعب بن مالك.
(٣) نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدراية ١/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>