للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وعنه أيضًا: قالت امرأة يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأك فنزلت: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. (١)

٣ - وعنه أيضًا: أبطأ جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال المشركون: قد وُدِّع محمد؛ فأنزل الله - عز وجل -: {وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)} (٢)

[الوجه الثالث: بيان أن الوحي تأخر ولم ينقطع مع ذكر سبب تأخره.]

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: وَاعَدَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ - عليه السلام - في سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ، وَفي يَدِهِ عَصًا فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: "مَا يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ وَلَا رُسُلُهُ"، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَا هُنَا؟ "، فَقَالَتْ: وَالله مَا دَرَيْتُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ؛ فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَاعَدْتَنِى فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْتِ". فَقَالَ: منعني الْكَلْبُ الذي كَانَ في بَيْتِكَ، إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. (٣)

قال النووي: قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى. وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب؛ لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يسمى شيطانا كما جاء به الحديث، والملائكة ضد الشياطين، ولقبح رائحة الكلب والملائكة تكره الرائحة القبيحة، ولأنها منهي عن اتخاذها؛ فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه وفي بيته، ودفعها أذى للشيطان.

وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت، ولا يفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم، وكتابتها. قال الخطابي: وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور، فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع


(١) البخاري (٤٦٦٨).
(٢) مسلم (١٧٩٧).
(٣) مسلم (٢١٠٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>