للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - شبهة: حول الطمأنينة، ووجل القلوب.]

[نص الشبهة]

قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢]، وهذه الآية لها نظائر منها قوله: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: ٢٣]، وقوله: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨]، وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: ٦٠]، تدل على أن وجل القلوب عند سماع ذكر الله من علامات المؤمنين، وقد جاءت في آية أخرى ما يدل على خلاف ذلك، وهي قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨]، فالمنافاة بين الطمأنينة ووجل القلوب ظاهرة.

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

[الوجه الأول: معنى الوجل الذي في الآية.]

الوجه الثاني: جمع الله بين المعنيين في آية واحدة ليتضح المراد.

الوجه الثالث: قد يحمل الوجل عند ذكر وعيده، ويحمل الاطمئنان عند ذكر وعده.

الوجه الرابع: أن الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى.

الوجه الخامس: أن المراد: أن علمهم يكون القرآن معجزًا يوجب حصول الطمأنينة لهم.

الوجه السادس: أنه حصلت في قلوبهم الطمأنينة في أن الله تعالى صادق في وعده ووعيده.

وإليك التفصيل

[الوجه الأول: معنى الوجل الذي في الآية.]

قال القرطبي: "الوجل": الخوف (١).


(١) تفسير القرطبي (٧/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>