[توضيح كلام البيضاوي من خلال فهم كلام الشوكاني: وكأن قول البيضاوي يوضحه قول الشوكاني]
قال الشوكاني:
يعني: الظل من وقت الإسفار إلى طلوع الشمس، وهو ظل لا شمس معه. . . {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} معطوف على قوله: {مَدَّ الظِّلَّ} داخل في حكمه أي: جعلناها علامة يستدل بها بأحوالها على أحواله، وذلك لأن الظل يتبعها كما يتبع الدليل في الطريق من جهة أنه يزيد بها وينقص، ويمتد ويتقلص.
وقوله:{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ} معطوف أيضًا على مَدَّ داخل في حكمه، والمعنى: ثم قبضنا ذلك الظلّ الممدود، ومحوناه عند إيقاع شعاع الشمس موقعه بالتدريج حتى انتهى ذلك الإظلال إلى العدم والإضمحلال. وقيل: المراد في الآية قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام النيرة؛ والأوَّل أولى، والمعنى: أن الظلَّ يبقى في هذا الجوِّ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس صار الظل مقبوضًا، وخلفه في هذا الجوِّ شعاع الشمس فأشرقت على الأرض وعلى الأشياء إلى وقت غروبها، فإذا غربت فليس هناك ظلّ؛ إنما فيه بقية نور النهار، وقال قوم: قبضه بغروب الشمس؛ لأنها إذا لم تغرب فالظلّ فيه بقية، وإنما يتمُّ زواله بمجيء الليل ودخول الظلمة عليه.
وقيل: المعنى: ثم قبضنا ضياء الشمس بالفيء {قَبْضًا يَسِيرًا} ومعنى: {إِلَيْنَا}: أن مرجعه إليه سبحانه كما أن حدوثه منه قبضًا يسيرًا أي: على تدريج قليلًا قليلًا بقدر ارتفاع الشمس، وقيل: يسيرًا سريعًا، وقيل: المعنى يسيرًا علينا أي: يسيرًا قبضه علينا ليس بعسير (١).
الوجه السادس: الآية تقصد نوعًا معينًا من الظل لا كل الأنواع.
قال أبو حيان: قال الجمهور: {الظِّلَّ} هنا من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس مثل ظل الجنة ظل ممدود لا شمس فيه ولا ظلمة.
واعتُرض بأنه في غير النهار بل في بقايا الليل ولا يسمى ظلًا، وقيل:{الظِّلَّ} الليل