للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَصمْ صِيَامَ نَبِيِّ الله دَاوُدَ - عليه السلام - وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ الله دَاوُدَ - عليه السلام -؟ قَالَ: نِصْفَ الدَّهْرِ. فَكَانَ عَبْدُ الله يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -" (١).

٣ - عَنْ الْمِقْدَامِ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ الله دَاوُدَ - عليه السلام - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" (٢).

٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنُ فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" (٣).

وقال ابن حجر: وَفِي الْحَدِيث فَضْل الْعَمَل بِالْيَدِ، وَتَقْدِيم مَا يُبَاشِرهُ الشَّخْص بِنَفْسِهِ عَلَى مَا يُبَاشِرهُ بِغَيْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ دَاوُدَ بِالذِّكْرِ أَنَّ اِقْتِصَاره فِي أَكْلِهِ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا اِبْتَغَى الْأَكْلَ مِنْ طَرِيقِ الْأَفْضَلِ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قِصَّتَهُ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ خَيْرَ الْكَسْبِ عَمَلُ الْيَدِ، وَهَذَا بَعْدَ تَقْرِيرِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَدْحُهُ وَتَحْسِينُهُ مَعَ عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (٤).

[الوجه الرابع: داود وسليمان في التوراة والإنجيل.]

داود يزني ويقتل، وينجب من الزنا

جاء في سفر صموئيل الثاني (١١/ ١٧: ٢): وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جدًّا. ٣ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: "أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟ ". ٤ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسلًا وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. ٥ وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: "إِنِّي حُبْلَى". ٦ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: "أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ". فَأَرْسَلَ


(١) أخرجه البخاري (١٩٧٥)، مسلم (١١٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٢).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤١٧).
(٤) فتح الباري (٤/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>