للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال ابن كثير رحمه الله في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها، فقال: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي: لا تدق المسمار فيفلق ولا تغلظه فيفصم.

قال الحسن البصري وقتادة والأعمش: كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة (١).

وقال ابن كثير: يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله داود - صلوات الله وسلامه عليه - مما آتاه من الفضل المبين، وجمع له بين النبوة والملك المتمكن، والجنود ذوي العَدَد والعُدَد، وما أعطاه ومنحه من الصوت العظيم، الذي كان إذا سبح به تسبح معه الجبال الراسيات، الصم الشامخات، وتقف له الطيور السارحات، والغاديات والرائحات، وتجاوبه بأنواع اللغات.

وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع صوت أبي موسى الأشعري يقرأ من الليل، فوقف فاستمع لقراءته، ثم قال: "لقد أوتي هذا مِزْمَارًا من مزامير آل داود" (٢) (٣).

فضل داود - عليه السلام - في السنة.

١ - عن عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: "أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى الله صَلَاةُ دَاوُدَ - عليه السلام -، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا" (٤).

٢ - وعن عَبْدُ الله بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَبْدَ الله، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ. فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً،


(١) قصص الأنبياء (٢/ ٢٦٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٤٨)، مسلم (٧٩٣).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ٧١٢).
(٤) أخرجه البخاري (١١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>