للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا} ذلك كله الذي عرضه من اللذائذ المحببة - وسائر ما يماثله من اللذائذ والشهوات - متاع الحياة الدنيا، لا الحياة الرفيعة، ولا الآفاق البعيدة (١).

٢ - وفي بداية هذه الفطرة البشرية زوج الله حواء لآدم ولم يكن آدم رأى امرأة ولا رأت حواء رجلا كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: ١) وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الأعراف: ١٨٩).

[الوجة الرابع: توجيهات الإسلام في ضبط هذه الشهوة الجنسية]

حيث ظهر في الوجه السابق أن أمر الشهوة بين الرجال والنساء أمر فطري لا مجال للمكابرة فيه، وأن الإسلام جاء بضبطه وتوجيهه التوجيه السليم، ونذكر في هذا الوجه تشريعات الإسلام في ضبط العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وها هي:

١ - تحريم الإسلام لقيام أي علاقة جنسية بين اثنين من جنس واحد سواءً كانا رجلين أو امرأتين:

قال تعالى في ذكره لعقوبة قوم لوط: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}.

وقوله: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} أي وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه، وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعًا: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (٢)، وذهب الإمام الشافعي في قول عنه وجماعة من العلماء، إلى أن اللائط يقتل سواءً كان محصنًا أو غير محصن عملًا بهذا الحديث، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.


(١) في ظلال القرآن (١/ ٣٧٥: ٣٧٣).
(٢) صحيح. أخرجه أبو داود (٤٤٦٢)، والترمذي (١٤٥٦)، وابن ماجه (٢٥٦١) وتقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>