ثم إن القول أن النمرود كان سابقًا لإبراهيم بـ ٣٠٠ سنة يعطينا معلومةً جديدةً وهو أن الابن قد يولد قبل أبيه!
[الوجه الثامن: وهل تمنع الثلاثمائة عالم من التعاصر.]
وعلى القول بأن نمرود كان سابقًا لإبراهيم بـ ٣٠٠ سنة فهذا يعكر عليه بما يلي:
١ - أنه ليس هناك ما يمنع أن يُعَمَّرَ النمرودُ أكثرَ من ٣٠٠ سنة وخصوصًا أنها لم تنص على موت النمرود قبل مجيء إبراهيم - عليه السلام -.
٢ - أن الأعمار الكبيرة ليست غريبة في التوراة؛ ففي سفر التكوين يوضح الإصحاح الخامس كله أن الأعمار من لدن آدم إلى نوحٍ - عليه السلام - تتراوح بين ٧٧٧ سنة (عمر لامك)(تك ٥/ ٣١) إلى ٩٦٩ سنة (عمر أبي لامك يدعى متوشالح)(٥/ ٢٧).
فالذي جعل آدم يعاصر لامك لأنه كما يوضح الجدول من أنه ولد بعد خلق آدم بـ ٨٧٤ سنة وآدم مات وعمره ٩٣٠ سنة وهذا يقال أيضًا في أحفاده مما يجعلنا نقول: لا مانع أبدًا من تعاصر نمرود، بل وأبوه مع إبراهيم - عليه السلام -.
إذن فتعمير النمرود مثل آبائه ليس بدعًا من القول.
الوجه التاسع: وعلى الفرض بأن الذي حاجه اسمه نمرود، هل هناك ما يمنع وجود نمرودٍ آخر؟
إن التسمي بأسماء العظماء والمشاهير من الصالحين أو الجبابرة ليس بجديدٍ، بل ذلك سمة كل عصرٍ وحينٍ، فما الذي منع من وجود ثانٍ وثالثٍ ورابعٍ يتسمى بنمرود؟
وخصوصًا وأنه صاحب سابقة في المجد الملكي بدأ تكوين أول مملكة في العالم من نسل حام (التكوين ٩: ٢٥ - ٢٧).
والذي يؤيد ذلك أن ما ورد في كتب التفاسير من أن الذي حاج إبراهيم في ربه هو نمرود لم يقل أحدٌ: إنه بن كوش بن حام.
بل قيل: إنه نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وقيل: إنه نمرود بن فالخ بن