لم يكن قصدًا ولو قدر على الطيبات أكلها إلى أشباه لهذا. وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاري وكان شاعرًا متفننا في كثير من العلوم وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن طالب للمناظرة فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب في الاستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا - صلى الله عليه وسلم - فأحضر له القاضي يحيى بن عمر وغيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه فطعن بالسكين وصلب منكسا ثم أنزل وأحرق بالنار.
وحكى بعض المؤرخين أنه لما رفعت خشبته وزالت عنها الأيدي استدارت وحولته عن القبلة فكان آية للجميع وكبر الناس وجاء كلب فولغ في دمه وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط: من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هزم يستتاب فإن تاب وإلا قتل لأنه تنقص إذ لا يجوز ذلك عليه في خاصته إذ هو على بصيرة من أمره ويقين من عصمته، وقال حبيب بن ربيع القروي: مذهب مالك وأصحابه أن من قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: ما فيه نقص - قتل دون استتابة، وقال ابن عتاب: الكتاب والسنة موجبان أن من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأذى أو نقص معرضا أو مصرحا وإن قل - فقتله واجب فهذا الباب كله مما عده العلماء سبا أو تنقصا يجب قتل قائله لم يختلف في ذلك متقدمهم ولا متأخرهم وإن اختلفوا في حكم قتله على ما أشرنا إليه ونبيه بعد وكذلك أقول حكم من غمصه أو عيره برعاية الغنم أو السهو أو النسيان أو السحر أو ما أصابه من جرح أو هزيمة لبعض جيوشه أو أذى من عدوه أو شدة من زمنه أو باليل إلى نسائه فحكم هذا كله لمن قصد به نقصه القتل (١).