لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره؛ لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ألف فرسخ فما دونها وتنهى الأخبار والأغراض والمقاصد التي تتعلق بها مهمات الممالك والدول، والقيمون بأمرها يعتنون بأنسابها اعتناءً عظيمًا فيفرقون بين ذكورها وإناثها وقت التسافد وتنقل الذكور عن إناثها إلى غيرها، والإناث عن ذكورها ويخافون عليها من فساد أنسابها وحملها من غيرها، ويتعرفون صحة طرقها ومحلها لا يأمنون أن تفسد الأنثى ذكرًا من عرض الحمام فتعتريها الهجنة، والقيمون بأمرها لا يحفظون أرحام نسائهم ويحتاطون لها كما يحفظون أرحام حمامهم، ويحتاطون لها، والقيمون لهم في ذلك قواعد وطرق يعتنون بها غاية الاعتناء بحيث إذا رأوا حمامًا ساقطًا لم يخف عليهم حسبها ونسبها وبلدها ويعظمون صاحب التجربة والمعرفة، وتسمح أنفسهم بالجعل الوافر له ويختارون لحمل الكتب والرسائل الذكور منها، ويقولون هو أحسن إلى بيته لمكان أنثاه وهو أشد متنًا وأقوى بدنًا وأحسن اهتداءً، وطائفة منهم يختار لذلك الإناث ويقولون: الذكر إذا سافر وبعد عهده حن إلى الإناث وتاقت نفسه إليهن، فربما رأى أنثى في طريقه ومجيئه فلا يصبر عنها فيترك المسير ومال إلى قضاء وطره منها وهدايته على قدر التعليم والتوطين، والحمام موصوف باليمن والأُلف للناس، ويحب الناس ويحبونه، ويألف المكان ويثبت على العهد والوفاء لصاحبه وإن أساء إليه، ويعود إليه من مسافات بعيدة وربما صد فترك وطنه عشر حجج وهو ثابت على الوفاء (١).
الوجه الحادي والعشرون: الإنسان يتعلم من الحيوانات، فلماذا لا نعترف أن للحيوان قيمة وقدرًا؟ !
[الإنسان يتعلم من الحيوان]
قال محمد محمد معافي: فضل اللَّه تعالى الإنسان على كثير من مخلوقاته وميزه عليها، ولكن بعض الكائنات تتفوق على الإنسان في بعض صفاتها وأخلاقها ويحتاج الإنسان لأن يتعلم من هذه المخلوقات كثيرًا من هذه الصفات الغائبة عن كثير من الناس، وقد تكلم