للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم إلا امرأة واحدة نصف إنسان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان دركًا لحاجته"، وفي رواية: "ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

فإذا علمت هذا فاعلم أن هذا الحديث الصحيح بَيَّنَ معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: ٣٤]، وأن فتنة سليمان كانت بسبب تركه قوله: "إن شاء الله"، وأنه لم يلد من تلك النساء خلا واحدة نصف إنسان، وأن ذلك الجسد الذي هو نصف إنسان هو الذي أُلقي على كرسيه بعد موته في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} الآية، فما يذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} الآية، من قصة الشيطان الذي أخذ الخاتم وجلس على كرسي سليمان، وطرد سليمان عن ملكه حتى وجد الخاتم في بطن السمكة التي أعطاها له من كان يعمل عنده بأجر مطرودًا عن ملكه إلى آخر القصة - لا يخفى أنه باطل لا أصل له، وأنه لا يليق بمقام النبوة، فهي من الإسرائيليات التي لا يخفى أنها باطلة (١).

قال أبو بكر الجزائري: ذكر المفسرون لهذه الفتنة عدة أمور، وهي قصص أشبه بالخرافات الإسرائيلية، أمثلها ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس: اختصم إلى سليمان فريقان أحدهما من أهل جرادة امرأة سليمان، وكان يحبها فهوى أن يقع القضاء لهم، ثم قضى بينهما بالحق، فأصابه الذي أصابه عقوبة لذلك الهوى، وما في التفسير أصح وأقرب إلى تفسير الآيات (٢).

[الوجه الرابع: مكانة سليمان - عليه السلام - في الكتاب والسنة، مقارنة بما جاء عنه في الكتاب المقدس.]

سليمان - عليه السلام - في القرآن:

قال تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ. . .} [البقرة: ١٠٢]، وقال سبحانه: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ


(١) أضواء البيان (٤/ ٨٥: ٨٤)، أيسر التفاسير (تفسير الآية).
(٢) أيسر التفاسير (تفسير الآية).

<<  <  ج: ص:  >  >>