للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عليه أن يموت - بل أن يقتل - بهذه الطريقة البشعة؟ ! إن في ذلك لإهانةً له - عليه السلام - وإبطالًا لمعجزته ... كما لو قَدَّرَ الله تعالى على موسى - عليه السلام - أن يُسحَر مثلًا.

٤ - وقال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)} (النساء: ١٥٩).

قال ابن جرير: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} يعني بعيسى {قَبْلَ مَوْتِهِ} يعنى: قبل موت عيسى - يُوَجِّه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال، فتصير الملل كلها واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية، دين إبراهيم - عليه السلام -، وعن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قال: قبل موت عيسى ابن مريم.

وكذا قال أبو مالك والحسن وابن زيد وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وهذا القول هو الحق، كما سنبينه بعدُ بالدليل القاطع، إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان. (١)

وعن الحسن أيضًا قال: (قبل موت عيسى، إن الله رفع إليه عيسى (إليه) وهو باعثه قبل يوم القيامة مقامًا يؤمن به البر والفاجر). (٢)

ثانيًا - الأدلة على بطلان عقيدة الفداء:

قال الله تعالى على لسان المسيح - عليه السلام -: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} (المائدة: ١١٨)

فهذا يبين أن عيسى - عليه السلام - لم يصلب من أجل أمته، فلو كان ذلك كذلك لشفع لأمته فإن قوله: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، يبين تبرؤه منهم، إذ لم يقل: فإني قد صلبت لأجلهم.

قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ


(١) تفسير الطبري ٦/ ١٨ - ١٩. بتصرف يسير.
(٢) تفسير ابن أبي حاتم ٤/ ١١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>