قال حسن ضياء الدين: إن اللقاء بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ورقة بن نوفل قد تم في زمن متأخر بعد مجيء الوحي المرة الأولى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد دلت النصوص على عدم وجود صلة سابقة بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ورقة بن نوفل، حتى إن فكرة الاتصال بورقة لم تطرأ على بال الرسول الكريم سعيًا لإزالة الإشكال عن نفسه، بل كانت الفكرة من اقتراح خديجة، فلو كانت هناك صلة سابقة كما زعم بغير دليل (واط) المستشرق لتبادرت إلى ذهن الرسول سريعًا فكرة استفتاء ورقة، أما وإن الفكرة وليدة خاطر خديجة؛ فأمر طبيعي أن تعلم المرأة من قريباتها وأقربائها أحوال ابن عمها واتجاهه الديني الذي خالف به أهل الجاهلية، ولكن زعمه أن خديجة وقعت تحت تأثير ورقة فزعم مجرد لا دليل عليه إطلاقًا؛ بل الدليل قائم على عكسه تمامًا.
[شبهة: موقف قريش من ورقة ومحمد - صلى الله عليه وسلم -.]
مساندة قريش بقيادة أبي طالب لورقة لتنفيذ فكرته.
الرد على الشبهة:
[الوجه الأول: موقف قريش يثبت عزلة محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ورقة وعدم تأثره به.]
قال حسن ضياء الدين: إن قريشًا لم تتوان لحظة في تصيد أدنى مطعن محتمل وتوجيهه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد بالغت في ذلك وأفرطت حتى زعمت أنه مجنون، وزعمت أنه يُعَلَّمُ من فتىً أعجمي رومي رقيق لديهم، فلو كان هناك أقل قدر من التواصل بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وورقة لافترضته قريش ولبنت مزاعمها عليه، ومثل هذه الصلات الدينية لا تخفى في مجتمع وثني قديم ضيق مكشوف بعضه تجاه بعض، لكن قريشًا مع إفراطها في العداء والبهتان لما لم تورد شيئًا من هذا القبيل دل ذلك على عدمه أصلًا، وعلى أن القول به باطل مفضوح لا طائل وراءه، بل لو كان شيءٌ من ذلك محتملًا لمالت قريش على ورقة ليعلم شبابها فيناهضوا بذلك دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - (١).