للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"٣ الله جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلَاهْ. جَلَالُهُ غَطَّى السَّماوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ. ٤ وَكَانَ لمَعَانٌ كَالنُّورِ. لَهُ مِنْ يَدِهِ شُعَاعٌ، وَهُنَاكَ اسْتِتَارُ قُدْرَتهِ. ٥ قُدَّامَهُ ذَهَبَ الْوَبَأُ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْحُمَّى. ٦ وَقَفَ وَقَاسَ الأَرْضَ. نَظَرَ فَرَجَفَ الأُمَمُ وَدُكَّتِ الْجِبَالُ الدَّهْرِيَّةُ وَخَسَفَتْ آكَامُ الْقِدَمِ. مَسَالِكُ الأَزَلِ لَهُ."

"بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. ١٣ خَرَجْتَ لِخَلَاصِ شَعْبِكَ، لِخَلَاصِ مَسِيحِكَ. سَحَقْتَ رَأْسَ بَيْتِ الشِّرِّيرِ مُعَرِّيًا الأَسَاسَ حَتَّى الْعُنُقِ. سِلَاهْ.".

[دلالات هذه الإشارات]

لا يستطيع عاقل عالم بتاريخ الرسالات ومعاني التراكيب أن يصرف هذه النصوص على غير البشارة برسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -. فالجهتان المذكورتان في مطلع هذا المقطع وهما تيمان: يعني اليمن - وهي جزء من بلاد العرب - ومعنى كلمة تيمان الصحراء الجنوبية؛ لأنها جنوب بلاد الشام ولا يزال إلى الآن على طريق القوافل بين دمشق ومكة قرية تسمى (تيماء) ومعنى هذه الكلمة أيضًا الصحراء الجنوبية.

وجبل فاران: يعني جبل النور الذي بمكة المكرمة التي هي فاران. هاتان الجهتان عربيتان. وهما رمز لشبه الجزيرة العربية التي كانت مسرحًا أوليًا لرسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فليس المراد إذن نبيًا من بني إسرائيل؛ لأنه معلوم أن رسل بني إسرائيل كانت تأتى من جهة الشَّام شمالًا. لا من جهة بلاد العرب. وهذه البشارة أتت مؤكدة للبشارة المماثلة، التي تقدم ذكرها من سفر التثنية، وقد ذكرت أن الله: تلألأ أو استعلن من جبل فاران.

بيد أن بشارة التثنية شملت الإخبار بمقدم موسى - عليه السلام - والتبشير بعيسى - عليه السلام - وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -، أما بشارة حبقوق فهي خاصة برسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم -. ولو لم يكن في كلام حبقوق إلا هذا "التحديد" لكان ذلك كافيًا في اختصاص بشارته برسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - ومع هذا فقد اشتمل كلام حبقوق على دلائل أخرى ذات مغزى:

منها: الإشارة إلى كثرة التسبيح حتى امتلأت منه الأرض. .؟

ومنها: دكه - صلى الله عليه وسلم - لعروش الظلم والطغيان وقهر الممالك الجائرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>