للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على نسخه:

حديث أبي بن كعب: أَنَّ الْفُتْيَا التي كَانُوا يُفْتُونَ أَنَّ الماءَ مِنَ الماءَ كَانَتْ رُخْصةً رَخَّصَهَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في بَدْءِ الإِسْلامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ.

وفي لفظ أنه قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الماءُ مِنَ الماءِ رُخْصَةً في أَوَّلِ الإِسْلامِ ثُمَّ نُهِىَ عَنْهَا. (١)

[المسلك الثاني: مسلك الجمع]

وهو حمل حديث "إنما الماء من الماء" على حالة مخصوصة وهي: في الذي يحتلم ليلًا، فيستيقظ من منامه، ولا يجد بللًا.

قال ابن عبد البر: وقد قيل معنى "الماء من الماء"في الاحتلام لا في اليقظة؛ لأنه لا يجب في الاحتلام إلا مع إنزال الماء، وهذا مجتمع عليه فيمن رأى أنه يجامع ولا ينزل، أنه لا غسل عليه؟ وإنما الغسل في الاحتلام على من أنزل الماء، هذا ما لم يختلف فيه العلماء. (٢)

ويستدلون بما روى عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: قَالَ إِنَّمَا الماءُ مِنَ الماءِ في الاحْتِلامِ. (٣)

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: يمكن أن يقال: إن قول ابن عباس -رضي الله عنه- هذا ليس تأويلًا للحديث، وإخراجًا له بهذا التأويل من كونه منسوخًا، بل غرضه بيان حكم المسألة بعد العلم بكونه منسوخًا، وحاصله أن عمومه منسوخ، فبقي الحكم في الاحتلام. (٤)

المسلك الثالث: مسلك الترجيح.


(١) صحيح. أخرجه أبو داود في سننه (٢١٥)، والدرامي في سننه (٧٦٠) من طريق أبي حازم، وأخرجه أحمد في مسنده ٥/ ١١٥ - ١١٦، والترمذي في سننه (١١٠)، والدرامي في سننه (٧٥٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٥٧ من طرق عن الزهري، جميعهم عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب به. قال ابن حجر: والحديث صالح لأن يحتج به. فتح الباري ١/ ٤٧٣. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (١٩٨).
(٢) الاستذكار ٣/ ٨٧: ٨٦. وانظر: فتح الباري ١/ ٤٧٣.
(٣) ضعيف. أخرجه الترمذي في سننه (١١٢)، والحازمىِ في الاعتبار (٥٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٥٦ من طريق شريك، عن أبي الجحاف، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنه- به.
قلث: وإسناده ضعيف، فيه: شريك بن عبد الله النخعي: سيء الحفظ. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (١٦).
(٤) نقلًا من تحفة الأحوذي ١/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>