للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعمر الله إن هذه مسبة لله سبحانه ما سبه بها أحد من البشر قبلهم ولا بعدهم كما قال تعالى فيما يحكي عنه رسوله الذي نزهه ونزه أخاه المسيح عن هذا الباطل الذي: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَال هَدًّا} فقال: شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولذا وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد، وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته (١).

[إبطال التثليث بأقوال المسيح]

في الآية الثالثة من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا قول عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - خطاب الله هكذا: (وَهذه هِيَ الحيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الحقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْته.) فبين عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أن الحياة الأبدية، عبارة عن أن يعرف الناس أن الله واحد حقيقي وأن عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - رسوله. وما قال: إن الحياة الأبدية أن يعرفوا أن ذاتك ثلاثة أقانيم ممتازة بامتياز حقيقي وأن عيسى إنسان وإله، أو أن عيسى إله مجسم ولما كان هذا القول في خطاب الله في الدعاء فلا احتمال ههنا للخوف من اليهود فلو كان اعتقاد التثليث مدار النجاة لبينه، وإذ ثبت أن الحياة الأبدية اعتقاد التوحيد الحقيقي لله واعتقاد الرسالة للمسيح فضدهما يكون موتًا أبديًا وضلالًا بينًا البتة، والتوحيد الحقيقي ضد للتثليث الحقيقي، وكون المسيح رسولًا ضد لكونه إلهًا لأن التغاير بين المرسِل والمرسَل ضروري، وهذه الحياة الأبدية توجد في أهل الإسلام بفضل الله. وأما غيرهم فالمجوس ومشركوا الهند والصين محرومون منها لانتفاء الاعتقادين فيهم، وأهل التثليث من المسيحيين محرومون منها لانتفاء الاعتقاد الأول، واليهود كافة محرومون منها لانتفاء الاعتقاد الثاني (٢).

[الخلاص الحقيقي في الإسلام]

لا جدال أنه لا فداء ولا خلاص بتلك المفاهيم التي تعتنقها الطوائف النصرانية، بل


(١) إغاثة اللهفان ٢/ ٤٥٠: ٤٦١.
(٢) إظهار الحق لرحمت الله هندي ٣/ ٧٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>