للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: عَنْ أَوْسِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ أَتَوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْلَمُوا مِنْ ثَقِيفٍ. . . الحديث، وفيه: قُلْنَا مَا أَمْكَثَكَ عَنَّا يَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَرَدْتُ أَنْ لا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَه. قَالَ: فَسَأَلْنَا أَصْحَابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَصبَحْنَا، قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: نُحَزِّبُهُ ثَلَاثَ سُوَرٍ وَخَمْسَ سُوَرٍ وَسَبْعَ سُوَرٍ وَتِسْعَ سُوَرٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ سُورَةً وَحِزْبَ الْمُفَصَّلِ مِنْ قَافْ حَتَّى يُخْتَمَ. (١)

قال ابن حجر: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

قال السيوطي: ومِمَّا يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاءً، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاءً، بل فصل بين سورها، وفصل بين (طسم) الشعراء و (طسم) القصص بـ (طس) مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديًّا لذكرت المسبحات ولاءً، وأُخِّرت (طس) عن القصص.

وقد سئل ربيعة: لم قُدِّمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضعٌ وثمانون سورة بمكة، وإنَّما أنزلتا بالمدينة؟ فقال: قُدِّمتا، وأُلِّف القرآن على علم ممن ألَّفه به، ومن كان معه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مِمَّا يُنْتَهى إليه، ولا يُسْأل عنه. (٣)

[القول الثالث: أن ترتيب كثير من السور كان بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلم ذلك في حياته، وأن ترتيب بعض السور كان باجتهاد من الصحابة.]

واستدلوا على ذلك بورود أحاديث تفيد ترتيب بعض السور، كالأدلة التي احتج بِها الفريق القائل بالقول الثاني، وورود آثار تصرح باجتهاد الصحابة في ترتيب بعض السور كحديث ابن عباس عن عثمان السابق.


(١) أبو داود في (١٣٩٣)، وابن ماجه (١٣٤٥)، وأحمد (٤/ ٩) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن جده أوس بن حذيفة به.
(٢) فتح الباري (٨/ ٦٥٨).
(٣) الإتقان (١/ ١٧٩)، مناهل العرفان (١/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>