للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكِرْماني: ترتيب السور هكذا هو عند الله تعالى في اللوح المحفوظ. (١)

وقال أبو بكر بن الأنباري: أنزل القرآن كله إلى سماء الدنيا، ثم فرِّق في بضعٍ وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جوابًا لمستخبر، ويقف جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على موضع السورة والآية، فاتساق السور كاتساق الآياتِ والحروف، كله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن قَدَّم سورة أو أخَّرَها، فقد أفسد نظم الآيات. (٢)

واستدلوا على ذلك:

أولًا: بأن الصحابة أجمعوا على المصحف الذي كتب في عهد عثمان، ولم يُخالف منهم أحد، وإجماعهم لا يتم إلا إذا كان الترتيب الذي أجمعوا عليه عن توقيف؛ لأنه لو كان عن اجتهاد لتمسك أصحاب المصاحف المخالفة بِمخالفتهم، ولكنهم عدلوا عن مصاحفهم وأحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان وترتيبه جميعًا. (٣)

واستدلوا بأحاديث، منها: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ كان يَقُولُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطه وَالأَنْبِيَاءِ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي. (٤)

فذكرها نسقًا كما استقر ترتيبها.

ثانيًا: عن واثلة بن الأسقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أُعْطِيتُ مكانَ التَّوْراة السَّبْعَ الطِّوالَ، وأُعْطِيتُ مكان الزبور الْمِئِينَ، وأُعْطِيتُ مكان الإنجيل المثانيَ، وفُضِّلْت بالمفصَّلِ. (٥)

قال ابن النحاس: وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه مؤلف من ذلك الوقت. (٦)


(١) البرهان في علوم القرآن (١/ ٢٥٩).
(٢) البرهان (١/ ٢٦٠).
(٣) مناهل العرفان (١/ ٢٨٨).
(٤) البخاري (٤٩٩٤).
(٥) الطيالسي في مسنده (١٠١٢)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٢/ ١٥٤)، أخرجه الطبري في تفسيره وصححه بمجموع طرقه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٤٨٠).
(٦) البرهان (١/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>