هناك تعارض بين قول اللَّه تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠)} (الأنبياء: ٣٠) وبين قوله تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}(الحجر: ٢٧) وقوله أيضًا: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥)} (الرحمن: ١٥) وكذلك حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"(١).
فإن ظاهر الآية الأولى: أن كل شيء في هذا الكون مخلوق من الماء، في حين أن الآيات الأخرى تبين أن الجان خلق من النار؛ كما نص على ذلك الحديث أيضًا، وعلى أن الملائكة خلقت من نور!
[والجواب: إنه لا تعارض بين هذه النصوص بأي حال من الأحوال، وبيان ذلك من عدة وجوه]
الوجه الأول: قول كثير من المحققين من المفسرين: إن المقصود بالماء ماء المطر الناتج عن فتق السماء.
الوجه الثاني: قول بعض العلماء: إن المقصود هو ماء النطفة.
الوجه الثالث: لا يجوز أن تكون كلمة {كُلِّ شَيْءٍ} على إطلاقها، وأن تجرى مجرى الغالب، وعلى هذا دلائل وأمثلة كثيرة.
الوجه الرابع: بلاغة الأسلوب القرآني في هذه الآية.
الوجه الخامس: النظرة العلمية، وبيان عدم تعارض الآية مع الاكتشافات العلمية الحديثة.