للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: السنة تضع شروطًا للزواج الصحيح ولا تحلل نكاح التحليل.

فقد بينت الآية أنه إذا طلق الرجل امرأته طلقة ثالثة بعد ما أرسل عليها الطلاق مرتين فإنها تحرم عليه حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح. (١) كما جاء في الحديث "حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ".

فمن تزوجت برجل وطلقها ثلاثًا؛ ثم تزوجت بآخر عن رغبة في العشرة وبدون قصد التحليل، ثم كرهت معه العشرة أو مات عنها؛ فهل لها أن ترجع إلى الأول بعد طلاقها وانقضاء عدتها أم لا؟ نعم لها ذلك بشرط الجماع لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلتَكِ".

قال ابن تيمية: فمن الدلالة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين مع إرادتها أن ترجع إلى الزوج الأول لا تحل له حتى يجامعها، فعلم أنه إذا جامعها حلت للأول، ولو كانت إرادتها تحليلًا مفسدًا للنكاح أو محرمًا للعود إلى الأول لم تحل له سواء جامعها أو لم يجامعها. (٢)

[الوجه الثاني: زواج المرأة بالثاني كان عن رغبة وبدون قصد التحليل.]

ليس هناك دليل يثبت أن نكاح المرأة للزوج الثاني قصده التحليل وإنما كان زواجًا عن رغبة، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: وأما حديث رفاعة فذاك كان قد تزوجها نكاحًا ثابتًا لم يكن قد تزوجها ليحلها للمطلِّق. (٣)

الوجه الثالث: لو أن زواج التحليل كان مباحًا ما أتت هذه المرأة واستخبرت عن أمرها.

هذه المرأة التي أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تسأله عن أمرها خشية أن تقع في المحرم، وهنا نقول: لو أن نكاح التحليل مباحًا ما جاءت المرأة وسألت عن حالها، واكتفت بما فعلت ورجعت إلى الأول، ولكن لعلمها أنها قد تقع في شبهة التحليل، جاءت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تسأله.

[الوجه الرابع: أمعاشرة الرجل لزوجته دعوة للجنس وسوء للأخلاق!]

إن هذا لشيء عجاب، أليست زوجة لهذا الرجل وله أن يمارس معها ما شاء بما أحل اللَّه؟ أأصبح جماع الرجل لزوجهِ ممارسة جنسية منكرة؟ ! وقد أحل اللَّه للزوجين


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٣٧٣).
(٢) إقامة الدليل على بطلان التحليل لابن تيمية (٥٨٣).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>