للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال يكمن في معرفة أهم حدث وقع في سنة ٥٥ هـ حيث توفي في هذه السنة سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، آخر الستة الذين رضيهم، ورشحهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للخلافة من بعده. (١)

[الوجه الرابع: أنه فعل ذلك بعدما ظهرت كفاءة يزيد في غزو القسطنينية.]

عن أم حرام: أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا. قالت أم حرام قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا. (٢)

قال ابن حجر: قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر، ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر. وتعقبه ابن التين، وابن المنير بما حاصله: أنه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاص إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله - صلى الله عليه وسلم - مغفور لهم مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم اتفاقًا، فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم، وأما قول ابن التين يحتمل أن يكون لم يحضر مع الجيش فمردود إلا أن يريد لم يباشر القتال فيمكن، فإنه كان أمير ذلك الجيش بالاتفاق، وجوز بعضهم أن المراد بمدينة قيصر المدينة التي كان بها يوم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة، وهي حمص، وكانت دار مملكته إذ ذاك، وهذا يندفع بأن في الحديث أن الذين يغزون البحر قبل ذلك، وأن أم حرام فيهم، وحمص كانت قد فتحت قبل الغزوة التي كانت فيها أم حرام، والله أعلم، وكانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة وفي تلك الغزاة مات أبو أيوب الأنصاري فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية وأن يعفى قبره ففعل به ذلك وقوله قد أوجبوا أي


(١) انظر: الدولة الأموية للصلابي (١/ ٤٤٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>