للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمان ومسميان مترادفان عند النصارى - والعياذ بالله - تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، مما يبطل هذه الإضافة لغة وعقلًا؛ لأنها حينئذ - حسب اعتقاد النصارى - تصبح مكونة من اسمين مترادفين ولا تصح هذه الإضافة، إلا إذا كانت تدل على اسمين وذاتين، يختلف كل منهما عن الأخرى.

ثم من جهة أخرى؛ فإن هذا التركيب المكون من المضاف والمضاف إليه، يدل لغة على معنى يختلف عن المقصود بالمضاف إليه وحده فقط، أو بالمضاف فقط، فإذا قلنا: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن المراد بالتركيب الإضافي في هذه الجملة - وهو قولنا (رسول الله) - المكون من المضاف (رسول) ومن المضاف إليه لفظ الجلالة (الله) هو رسول الله محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - الإنسان المخلوق، أما المضاف إليه وحده؛ فإنه لفظ الجلالة اسم الله سبحانه وتعالى وشتان ما بين الرسول المخلوق، والمرسِل الخالق سبحانه وتعالى، فالمضاف إليه يدل على مسمى معين، والتركيب من المضاف والمضاف إليه يدلى على مسمى آخر مختلف كليًّا عن ما يدل عليه المضاف إليه.

وهذا يعني من حيث اللغة أن: كلمة الله (المضاف والمضاف إليه) التي قيلت لعيسى والتي هي اسم له - عليه السلام - ليست هي المضاف إليه هنا، وهو لفظ الجلالة (الله) فهذان اسمان يدلان على ذاتين مختلفتين: ذات عيسى المخلوقة التي تليق ببشريته، وذات الخالق - سبحانه وتعالى - التي تليق بجلاله وعظمته، وشتان ما بين ذات الخالق وذات المخلوق، فكل ما في الأمر أن (كلمة الله) قيلت لعيسى - عليه السلام - اسمًا له؛ لأنه مخلوق بالكلمة، كما مر، فادعاء النصارى أن الكلمة تجسدت وصارت عيسى أمر مكذوب على القرآن، لأنه يدلى على أن عيسى بها صار ولم يكن هو الكلمة. فعيسى - عليه السلام - مخلوق وكلمة الله: كن ليست مخلوقة.

[القسم الثاني وهو: ما يتعلق بكون عيسى - عليه السلام - روح من الله أو روح الله]

فالجواب عنه منه وجوه:

الأول: ما معنى قوله تعالى {وَرُوحٌ مِنْهُ}؟

١ - يقول الإمام أحمد: وأما قوله تعالى {وَرُوحٌ مِنْهُ} يقول من أمره كان الروح فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>