للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: {لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} يقول من أمره، وتفسير روح الله إنما معناه أنها روح بكلمة الله خلقها كما يقال: عبد الله وسماء الله وأرض الله (١).

٢ - ويقول ابن جرير: وأما قوله {وَرُوحٌ مِنْهُ}؛ فإن أهل العلم اختلفوا في تأويله فقال بعضهم: معنى قوله "وروح منه" ونفخة منه لأنه حدث عن نفخة جبريل - عليه السلام - في درع مريم بأمر الله إياه بذلك، فنسب إلى أنه روح من الله لأنه بأمره كان. (٢)

٣ - ويقول ابن كثير: في تفسير قوله {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} أي عيسى (إنما هو عبد من عباد الله وخلق من خلقه قال له كن فكان ورسول من رسله وكلمته ألقاها إلى مريم أي خلقه بالكلمة التي أُرسل بها جبريل - عليه السلام - إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربه - عز وجل -، وكانت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب والأم، والجميع مخلوق لله - عز وجل - ولهذا قيل لعيسى: إنه كلمة الله وروح منه؛ لأنه لم يكن له أب يولد منه، وإنما هو ناشئ عن الكلمة التي قال له بها كن فكان والروح التي أرسل بها جبريل).

٤ - قال الرازى: أما قوله {وَرُوحٌ مِنْهُ} ففيه وجوه:

الأول: أنه جرت عادة الناس أنهم إذا وصفوا شيئًا بغاية الطهارة والنظافة قالوا: إنه روح، فلما كان عيسى لم يتكون من نطفة الأب وإنما تكون من نفخة جبريل - عليه السلام - لا جرم وصف بأنه روح، والمراد من قوله (مِنْه) التشريف والتفضيل كما يقال: هذه نعمة من الله، والمراد كون تلك النعمة كاملة شريفة.

الثاني: أنه كان سببًا لحياة الخلق في أديانهم، ومن كان كذلك وصف بأنه روح. قال تعالى في صفة القرآن {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} (الشورى: ٥٢).


(١) الرد على الجهمية صـ (٤٣).
(٢) تفسير ابن جرير (٦/ ٣٥ - ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>