للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: ٨).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "دعوة المظلوم -وإن كان كافرًا- ليس دونها حجاب" (١).

كثيرًا ما توضع شرائع حسنة، وأحكام عادلة، ومبادئ قيمة، ولكنها تظل حبرًا على ورق، فلا توضع موضع التنفيذ، ولا يبالي بها الذين في أيديهم سلطة الأمر والنهي والإبرام والنقض.

ولكن ميزة المبادئ والأحكام الإسلامية أنها مبادئ ربانية الأصول دينية الصبغة، ولهذا وجدت من القبول والاستجابة ما لم تجده أي شريعة أخرى أو قانون مما يضع البشر بعضهم لبعض.

وقد حفل الواقع التاريخي للأمة الإسلامية في مختلف عصورها، وشتى أقدارها بأروع مظاهر التسامح الذي لا يزال الناس يتطلعون إليه إلى اليوم في معظم بقاع الأرض فلا يجدونه.

[شبهات حول معاملة غير المسلمين]

[الشبهة الأولى: الجزية]

يثير المبشرون والمستشرقون قضية الجزية التي غُلِّفَت بظلال كئيبة، وتفسيرات سوداء جعلت أهل الذمة يفزعون من مجرد ذكر اسمها، فهي في نظرهم ضريبة ذل وهوان، وعقوبة فرضت عليهم مقابل الامتناع عن الإسلام.

والجواب عن هذه الشبهة أن الجزية كما تقدم بدل عن فريضتين فرضتا على المسلمين وهما فريضة الجهاد وفريضة الزكاة.

وتتجلى مظاهر التسامح في فرض الجزية على أهل الذمة فيما يلي:

١ - كون الإسلام قد ارتضى من أهل الذمة الجزية ولم يقاتلهم رغم أنهم كفار، هذا في حد ذاته مظهر من مظاهر التسامح والسلام.


(١) رواه أحمد في مسنده (٣/ ١٥٣)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٧٦٧).
* انظر: شبهة (الجزية) تحت أبواب الفقه من هذه الموسوعة فقد فصلنا القول هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>