للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إذا نظرنا إلى حكمة تشريع الجزية نجد فيها مظهرًا من مظاهر التسامح والسلام؛ لأن الجزية في الواقع ونفس الأمر ليست سوى ضريبة دفاع على حد تعبيرنا المعاصر؛ لأنها مقابل مادي نظير ما يتمتع به أهل الذمة من حماية في ديار الإسلام، وهذه الحماية لا تقدر بمال.

٣ - وإذا كانت الجزية ضريبة دفاع فأي غضاضة في أن يدفع أهل الذمة هذه الضريبة؟

مع العلم بأن التشريعات الوضعية قد ألزمت المواطنين كلهم مسلمين وغير مسلمين بدفع الضرائب المختلفة كالضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة، والضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والضريبة على المرتبات، والضريبة على أرباح المهن غير التجارية، والضريبة العامة على الدخل ..... إلخ

٤ - حرم الإسلام تكليف أهل الذمة ما لا قدرة لهم عليه، كما حرم ضربهم أو تعذيبهم أو حبسهم على أداء الجزية (١).

وهذه شهادات منصفة من باحثين غربيين تتحدث عن الجزية وها هي بعض نصوصها:

١ - إن المسلمين ما كانوا يتقاضون من مقهوريهم إلا شيئًا ضئيلًا من المال لا يقارن بما كانت تتقاضاه منهم حكوماتهم الوطنية (٢).

٢ - إن هذه الإتاوات المفروضة كانت سببًا لهذه السهولة الغريبة التي صادفها المسلمون في فتوحاتهم، فالشعوب رأت بدل أن تخضع لسلسلة لا تنتهي من المغارم التي تخيلها حرص الأباطرة أن تخضع لأداء جزية خفيفة يمكن توفيتها بسهولة، وتسلمها بسهولة كذلك (٣).

٣ - تكلمت لورافيشيا فاغليري عن المعاهدات التي وقعها المسلمون مع الذميين، وقالت عن هذه الاتفاقيات: منحت تلك الشعوب حرية الاحتفاظ بأديانها القديمة،


(١) انظر حولية كلية أصول الدين العدد التاسع صـ ١٠٠ - ١٠٢.
(٢) القول للعلامة دريبر، راجع: روح الدين الإسلامي صـ ٣٩٢.
(٣) القول لمونتسيكو في كتابه روح الشرائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>