فالصوم في اليهودية بناء على ما سبق تذلل وخضوع، يقابل به الشعب اليهودي الأزمات والضوائق بترك الطعام والشراب كلية أو بصورة جزئية، وهو بهذا المعنى قد يكون من بقايا الحق التي أنزلها اللَّه على موسى -عليه السلام-، والتذلل والتضرع من صور التقرب إلى اللَّه تعالى، والتي تبرز حاجة العبد إلى ربه، يقول تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣)} (الأنعام: ٤٣).
والذي يعاب على هؤلاء القوم أنهم يضيفون عبادات من عند أنفسهم، ويتصرفون في شعائر دينهم كما يشاءون، ولا أدل على ذلك من تشريم صوم أيام بعينها لم تشرعها حتى التوراة المحرفة.
[دور الحاخامات في شريعة الصوم]
ليس تشريع الصوم بمنزه عن تدخلات رجال الدين وليس وحيًا منزهًا -في صورته الحالية- عن التدخلات البشرية، فالحاخامات، بل والأشخاص العاديون أيضًا لهم تدخلات في تشريع ما يشاؤون من ألوان الصيام فقد قرر الحاخامات أيام صيام أخرى إضافية من بينها صيام أسابيع الحداد الثلاثة، بين السابع عشر من تموز والتاسع من آب، باعتبارها الفترة التي نهب الجنود الرومان أثناءها الهيكل والقدس، وأيام التكفير العشرة (بين عيد رأس السنة ويوم الغفران)، وأكبر عدد ممكن من الأيام في أيلول، وأول يومي اثنين وخميس من كل شهر، وثاني يوم اثنين بعد عيد الفصح وعيد المظال. وقد فُسِّر هذا الصوم بأنه تكفير عما قد يكون المرء قد ارتكبه من إفراط أثناء العيدين السابقين. ويصومون السابع من آذار باعتباره تاريخ موت موسى، يوم الغفران الصغير (يوم كيبور قاطان)، وهو آخر يوم من كل شهر. كما يمكن أن يصوم اليهودي في أيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، فهي الأيام التي تُقرأ فيها التوراة في العبد.
وإلى جانب أيام الصيام التي وردت في العهد القديم، والتي قررها الحاخامات توجد أيام الصيام الخاصة. فيصوم اليهودي في ذكرى موت أبويه أو أستاذه، كما يصوم