وكما قال سفيان بن عيينة: كل ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن فقراءته، تفسيره لا كيف، ولا مثل. وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية، فقالوا:(أمرّوها كما جاءت بلا كيف).
وسأله رجل عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥] كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالًا، وأمر به أن يخرج من المجلس. وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى:(لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء؛ بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئًا، تبارك الله تعالى رب العالمين).
٣ - توحيد الألوهية ويقال له توحيد العبادة: وهو توحيد الله بأفعال العباد التي أمرهم بها، وهو العلم والاعتراف والاعتقاد الجازم بأن الله هو الإلهُ الحق ولا إِلهَ غيره، وكل معبود سواه باطل، وإفراده تعالى بالعبادة والخضوع والطاعة المطلقة، وأَن لا يشرك به أَحد كائنا من كان، ولا يُصْرَف شيء من العبادة لغيره؛ كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والدعاء، والاستعانة، والنذر، والذبح، والتوكُّل، والخوف والرجاء، والحُبّ، وغيرها من أَنواع العبادة الظاهرة والباطنة، وأَن يُعْبَدَ الله بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ جميعًا، وعبادتُه ببعضها دون بعض ضلال.
قال الله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: ٥]. وقال:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}[المؤمنون: ١١٧]. وتوحيد الألوهية هو ما دعت إِليه جميع الرُسل، وإنكاره هو الذي أَورد الأُم السابقة موارد الهلاك. وهو أَول الدّين وآخره وباطنه وظاهره، وهو أَول دعوة الرسل وآخرها ولأَجله أُرسلت الرسل، وأُنزلت الكُتب، وسُلَت سيوف الجهاد، وفرِقَ بين المؤمنين والكافرين، وبين أَهل الجنة وأَهل النَار، وهو معنى قوله تعالى:{لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا