للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله (ثمَّ جَهَدها): أَيْ جَامَعَهَا وَوَطِئَهَا وَفَعَلَ بِهَا الْفِعْل المُقْصُود بِهَا" فَلِذَلِكَ قِيلَ جَهَدهَا. وهوَ عبارة عَن الاجتهاد في إيلاج الحشفة في الفرج، وَهوَ المراد -أيضًا- مِن التقاء الختانين. (١)

وَمسّ الختانُ الختانَ: أَيْ خِتَان الرَّجُل بِخِتَانِ المُرْأَة، وَالمُرَاد تَلَاقِي مَوْضِع الْقَطْع مِنْ الذَّكَر مَعَ مَوْضِعه مِنْ فَرْج الْأُنثَى. قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ إِذَا غَابَ الذَّكَر فِي الْفَرْج وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة المسّ وَالْإِلْصَاق بِغَيْرِ غَيْبُوبَة، وَذَلِكَ أَنَّ خِتَان المُرْأَة فِي أَعْلَى الْفَرْج وَلَا يَمَسّهُ الذكَر فِي الجَماع. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانها وَلَمْ يُولجِهُ لَمْ يَجِب الْغُسْل لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا (٢).

وَمَعْنَى الحدِيث أَنَّ إِيجَاب الْغُسْل لَا يَتَوَقَّف عَلَى نُزُول المُنِيّ، بَلْ مَتَى غَابَتْ الحشَفَة فِي الْفَرْج وَجَبَ الْغُسْل عَلَى الرَّجُل وَالمُرْأَة، وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ الْيَوْم، وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَاف لِبَعْضِ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ، ثُمَّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. (٣)

الوجه الرابع: الجمع بين قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّما الْمَاء، مِنَ الْمَاء، " وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبهَا الأربَعِ وَمَسَّ الْخِتَان الْختانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل"

فقد سلك العلماء في الجمع بين الحديثين بهذه المسالك.

[المسلك الأول: مسلك الفسخ.]

قال الترمذي: وَإِنَّمَا كَانَ المَاءُ مِنَ المَاءِ في أَوَّلِ الإِسْلامِ " ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ" وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِنْهُمْ أُبي بْنُ كَعْبٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ.

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ -الجمهور- عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرأتهُ في الْفَرْجِ وَجَبَ عَلَيْهِما الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلا. (٤)


(١) حاشية السندي على سنن النسائي ١/ ١٤٨، فتح الباري لابن رجب ١/ ٣٧٢، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي ٢/ ٢٧٦، فتح الباري لابن حجر ١/ ٤٧٠.
(٢) عون المعبود ١/ ٢٤٦.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي ٢/ ٢٧٦.
(٤) سنن الترمذي ١/ ١٨٥. وانظر: اختلاف الحديث للشافعي ١/ ٤٩٣، الاستذكار ٣/ ٨٤، الناسخ والمنسوخ لابن شاهين (٥١)، الاعتبار للحازمي (٥٧)، كشف المشكل لابن الجوزي ١/ ٩٨٥، شرح صحيح مسلم للنووي ٢/ ٢٧٣، فتح الباري لابن حجر ١/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>