للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتلاعُنُ كالتَّشاتُم في اللفظ، وكلّ فعل على تفاعل فإن الفعل يكون منها، غير أن التّلاعُنَ ربّما استعمل في فعل أحدهما، والتَّلاعُنُ يقع فعل كلّ واحدٍ منهما بنفسه ويجوز أن يقع كلُّ واحدٍ بصاحبه فهو على معنيين (١).

اللعن من الله: هو إبعاد العبد بسخطه، أبْعَدَهُ الله نَحَّاهُ عنِ الخَيْرِ، ولَعَنَهُ. وباعَدَهُ مُباعَدَةً وبِعادًا، وبَعَّدَهُ أَبْعَدَهُ. ومن الإنسان: الدعاء بسخطه (٢).

واللَّعْن أصله الإبعاد والطرد، ومنه قيل: ذئب لعين، أي طريد. قال الشمّاخ:

ذَعَرْتُ به القَطا ونفيتُ عنه ... مَقامَ الذئب كالرَّجُلِ اللّعينِ

ووجه الكلام: مَقامَ الذئب اللعين كالرجل. ثم صارت اللعنة من الله تعالى إبعادًا. ورجل لُعْنة، بتسكين العين: يلعنه الناس، ورجل لُعَنَة: يلعن الناس، وهذا باب يطّرد (٣).

[الوجه الثاني: ورود النهى في الإسلام عن السب واللعن.]

عَنْ ثَابتِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَعْنُ المْؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قتلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ فِي الدُّنْيَا، عُذِّبَ بِهِ فِي الآخِرَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ، وَمَن رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ، فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ" (٤).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "سِبَابُ المْسْلِمِ فُسوقٌ، وَقِتَالهُ كُفْرٌ. (٥)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: قِيلَ يَا رَسُولَ الله ادْعُ عَلَى المُشْرِكِينَ قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً" (٦).

عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجلًا بِالْفُسوقِ، وَلا يَرْمِيهِ


(١) العين للخليل بن أحمد (١/ ١١٤)، لسان العرب لابن منظور (١٣/ ٣٨٧).
(٢) التعريفات للجرجاني (١/ ٦٢) القاموس المحيط (١/ ٢٦١).
(٣) جمهرة اللغة لابن دريد (٢/ ٣٢).
(٤) البخاري (٦٠٤٧).
(٥) البخاري (٦٠٤٤).
(٦) مسلم (٦٧٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>