للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: الإمام الرازي لم يقر هذا الكلام كما زعموا.]

ولكنه ذكره من ضمن شبه اليهود. وقد رد على هذه الشبهة ولم يقرها. وإليك كلامه بتمامه:

قال الرازي: قالت اليهود: أطبق الباحثون عن تواريخ بني إسرائيل وفرعون أن هامان ما كان موجودًا البتة في زمان موسى وفرعون وإنما جاء بعدهما بزمان مديد ودهر داهر، فالقول بأن هامان كان موجودًا في زمان فرعون خطأ في التاريخ، وليس لقائل أن يقول إن وجود شخص يسمى بهامان بعد زمان فرعون لا يمنع من وجود شخص آخر يسمى بهذا الاسم في زمانه، قالوا لأن هذا الشخص المسمى بهامان الذي كان موجودًا في زمان فرعون ما كان شخصًا خسيسًا في حضرة فرعون بل كان كالوزير له، ومثل هذا الشخص لا يكون مجهول الوصف والحلية فلو كان موجودًا لعرف حاله، وحيث أطبق الباحثون عن أحوال فرعون وموسى أن الشخص المسمى بهامان ما كان موجودًا في زمان فرعون؛ وإنما جاء بعده بأدوار - علم أن غلطًا وقع في التواريخ، قالوا ونظير هذا أنا نعرف في دين الإسلام أن أبا حنيفة إنما جاء بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - فلو أن قائلًا ادعى أن أبا حنيفة كان موجودًا في زمان محمد - صلى الله عليه وسلم - وزعم أنه شخص آخر سوى الأول وهو يسمى بأبي حنيفة، فإن أصحاب التواريخ يقطعون بخطئه فكذا ههنا.

والجواب: أن تواريخ موسى وفرعون قد طال العهد بها واضطربت الأحوال والأدوار فلم يبق على كلام أهل التواريخ اعتماد في هذا الباب، فكان الأخذ بقول الله تعالى أولى بخلاف حال رسولنا مع أبي حنيفة فإن هذه التواريخ قريبة غير مضطربة بل هي مضبوطة فظهر الفرق بين البابين. (١)

[الوجه الثالث: هامان كان في زمن فرعون بالقرائن الواضحة البالغة من القرآن والسنة.]

قلت وذلك للأدلة الآتية:

أولًا: لفظ هامان لا يذكر في القرآن إلا مقرونًا بفرعون وفي قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون. وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن في ستة مواضع هي:


(١) تفسير الرازي (٢٧/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>